تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[15 - 09 - 06, 11:30 م]ـ

هذه المقالة الثالثة في كمالات النبي صلى الله عليه وسلم، والرد على زبالة الخلق من أعداء الإسلام، وعلى رأسهم بابا الفاتكان بنيدكت لعنه الله. وهي بقلم العلامة الإمام السيد عبد الرحمن بن محمد الباقر الكتاني، المتوفى رحمه الله عام 1401:

سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أفضل العالمين

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى: قال لي جبريل عليه السلام: "قلبت مشارق الأرض ومغاربها فلم أر رجلا أفضل من محمد عليه الصلاة والسلام، ولم أر بني أب أفضل من بني هاشم". رواه أحمد والطبراني في "الأوسط"، والبيهقي وأبو نعيم في "الدلائل"، وغيرهم عن عائشة رضي الله عنها.

خلق الله – سبحانه وتعالى – الملائكة من نور، وهم من الكثرة بمكان حتى إن عددهم لا يعلمه إلا الله، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، لا يأكلون ولا يشربون، ولا ينامون. وإنما قُوتهم التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، أفضلهم على الإطلاق هو: سيدنا جبريل المكلف بالسفارة بين الله تعالى وبين أنبيائه ورسله. ثم سيدنا ميكائيل المكلف بالنبات والنزول على الأنبياء في بعض الأحيان، ثم سيدنا إسرافيل الملكف بالنفخ في الصور إيذانا بانتهاء هذا العالم الدنيوي، والنفخ فيه للمرة الثانية إيذانا ببداية العالم الأخروي. ثم ملك الموت المكلف بقبض الأرواح. عليهم صلوات الله وسلامه.

وقد نطق أفضلهم بهذا التصريح الخالد بعد التفتيش والبحث الذي دام ملايين من السنوات، وهي ملايين لا يعلم عددها بالضبط إلا الله. وعليه؛ فمعنى: قلبت: فتشت وبحثت عن أحوالهم.

سماه تقليبا: تشبيها له بتحريك الشيء ظهرا لبطن، وعكسه. وفي "القاموس": "قلب الشيء حوله ظهرا لبطن: كقّلبَه". والتحريك يلزمه الإحاطة بالشيء ومعرفة أحواله عرفا، فأطلق التقليب وأراد لازمه. ذكره الزرقاني في "شرح المواهب".

وهو تصريح عبر فيه جبريل عن حقيقة أجمع عليها أهل العوالم العلوية والسفلية؛ وهي: أفضلية نبينا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم على جميع الخلق؛ من الأنبياء والرسل، والملائكة، أفضلية ناشئة عن حكم الله تعالى بذلك، {لا يسأل عما يفعل}. [**/ **]، {ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم}. [**/ **].

ومن مظاهر هذا الإجماع: أن الله – سبحانه وتعالى – أخذ العهد على أرواح الأنبياء والمرسلين في عالم الذر: لئن بُعث محمد لتؤمنن به ولتنصرنه. قال تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق النبيئين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتومنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين}. [**/ **].

وكم يسرني قول الشيخ تقي الدين السبكي كما في "الخصائص الكبرى" للحافظ السيوطي رحمهما الله: "في هذه الآية الشريفة من التنويه بالنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيم قدره العلي ما لا يخفى، وفيها مع ذلك أنه على تقدير مجيئه يكون مرسلا إليهم، فتكون نبوته ورسالته عامة لجميع الخلق من آدم إلى يوم القيامة، وتكون الأنبياء وأممهم كلهم من أمته، ويكون قوله صلى الله عليه وسلم: بعثت إلى الناس كافة، لا يخص به الناس من زمنه إلى يوم القيامة، بل يتناول من قبلهم أيضا. ويتبين بهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد".

وقد عبر علماء الكلام عن هذا الإجماع في البيتين التاليين:

نبينا أفضل بالإطباق===من كل مخلوق على الإطلاق

وانعقدَ الإجماعُ أن المصطفى===أفضل خلق الله، والخُلْفُ انتفى

ولهذه الأفضلية مظاهر كثيرة، وسأقتصر هنا على ما يأتي:

1 - إن الله جعله نبيا وآدم بين الروح والجسد، وأسند إليه أعظم مهمة في الوجود، وهي: ختمه لدائرة النبوة والرسالة، وهداية الناس إلى الصراط المستقيم، وزوده بكل ما يحتاج إليه من علم ومعرفة أثناء دعوته إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، حتى صار أعرف المخلوقات بربه.

2 - أن المعجزات التي أوتيها الأنبياء السابقون أوتي مثلها سيدنا محمد أو أكثر منها، وأن الفضائل التي حلاهم الله تعالى بها جمع جملتها لعبده محمد صلى الله عليه وسلم.

لكل نبي في الأنام فضيلة وجملتها مجموعة لمحمدِ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير