تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وبذلك وحده نقطع الطرق على الاستعمار والرأسمالية والشيوعية والصهيونية، ونحافظ على ديننا ولغتنا وتاريخنا، وأوطاننا وأمجادنا، ونقضي على التخلف، ونواصل العمل في ميدان التقدم والإنتاج والتنظيم، ونضمن إسلام أبنائنا ووحدة أوطاننا إلى نهاية هذا العالم إن شاء الله، وما ذلك علينا بعزيز.

ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[23 - 09 - 06, 05:33 ص]ـ

المقالة السادسة:

نور أضاءت له قصور الشام

صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إني دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى، ورؤيا أمي التي رأت – وكذا أمهات النبيئين يرين – وإن أم رسول الله صلى الله عليه وسلم رأت أنها وضعته نورا أضاءت له قصور الشام". رواه أحمد عن العرباض بن سارية وأبي أمامة رضي الله عنهما.

شرح الحديث الشريف

أبى خاتم النبئين والمرسلين عليه الصلاة والسلام إلا أن يُصدر للأمم كلها هذا البلاغ الهام الذي أعلن فيه عن وجود ثلاث حقائق تاريخية هامة أكرمه الله بها في الأزل، قبل أن تشرف نفسه على هذا الوجود، بل إن وجوده كان استجابة لأولها وافقت ما سبق في علمه وقدره في أزله.

الحقيقة الأولى: أنه دعوة جده سيدنا إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام. ويعني بهاته الدعوة: قوله وهو يعيد بناء الكعبة المعظمة بأمر من الله تعالى، بعد أن هدمها طوفان سيدنا نوح عليه الصلاة والسلام: "ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم}. [**/ **]، وهي دعوة سجلها القرآن الكريم لتبقى معروفة عند كل الأمم والشعوب في مختلف الأمكنة والأزمنة.

ويمكنني أن أقول: إن هاته الدعوة الإبراهيمية كانت أبرك دعوة تقدم بها أبو الأنبياء إلى الله سبحانه، أعرب فيها عن الخير غير المتناهي الذي أراده للعرب وللإنسانية كلها.

للعرب بجعل بلادهم مكانا للانطلاقة، وببعث الرسول منهم، وسبقهم إلى الاستفادة من دعوته الإسلامية.

وللإنسانية بإشراكها مع العرب في هذا الاهتداء بهدي الآيات البينات التي يتلوها عليهم، وتعليمها الكتاب الذي هو القرآن الكريم – أوسع دائرة للمعارف عرفها البشر – والحكمة؛ التي هي السنة النبوية – المذكرة التفسيرية للقرآن – وتزكيتها وتطهيرها من الأرجاس والأدناس. والدليل على إشراك الإنسانية كلهم مع العرب؛ هو: أنه سبحانه بعد أن امتن على عباده في طالعة سورة الجمعة بأنه: {بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين}. [**/ **]. قال: {وآخرين منهم لما يلحقوا بهم}. [**/ **].

أخرج البخاري وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزلت عليه سورة الجمعة: {وآخرين لما يلحقوا بهم}. قالوا: من هم يا رسول الله؟. فلم يراجعهم حتى شمل ثلاثا. وفينا سلمان الفارسي. فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على سلمان الفارسي ثم قال: لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال – أو رجل – من هؤلاء". وعلى هذا الحديث الشريف اعتقد مجاهد وغير واحد في تفسيرهم لهاته الآية بقولهم: "هم الأعاجم وكل من صدق النبي صلى الله عليه وسلم من غير العرب". كما في تفسير ابن كثير.

وقد أعرب القرآن في غير آية على عموم بعثته صلى الله عليه وسلم إلى جميع الناس؛ منها قوله: {ياغ أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا}. [**/ **].

كما كانت الدعوة الكريمة أهم دعوة استجابها الله سبحانه لعبده سيدنا إبراهيم ولجميع الأنبياء والمرسلين، نظرا لكون البعثة النبوية كانت فاتحة عهد جديد للإنسانية كلها، ونقطة تحول في تاريخ العالم، وأكبر مصدر للإشعاع العلمي شاهده العالم أثناء تاريخه الطويل. وقد ضرب صلى الله عليه وسلم مثلا أعلى في الوفاء حينما كافأ جده سيدنا إبراهيم على هاته الدعوة التي علم بها أمته كيف تصلي عليه، وذلك بتخليد اسمه الكريم في الصلاة الإبراهيمية:

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد. نص على ذلك بعض أئمة العلم.

ومعلوم أن المسلمين مأمورون بقراءتها في التشهد الأخير من كل صلاة، وهي أفضل الصلوات على الإطلاق.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير