تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[العبرة بحسن العمل لا بكثرته! (شارك بقولك)]

ـ[أبو العالية]ــــــــ[16 - 09 - 06, 11:02 ص]ـ

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

يقول الله تبارك وتعالى: (وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ) [هود / 7]

وقال سبحانه: (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) [الكهف / 7]

وقال سبحانه: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) [الملك / 2]

إنّ المتأمل لكلام ربنا تعالى ليدرك حقيقة أن العبرة في العبادات، بحسنها وإتقانها وإخلاصها لله عز وجل، ولا عبرة البتة في العدد إلا في جانب واحد وهو الازدياد من الخيرات ولكن مع حسنها وإخلاصها وموافقتها للسنة.

وهذا هو الذي فهمه سلف أمتنا رحمهم الله.

قال ابن كثير رحمه الله في قوله " لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ":

" ولم يقل أكثر عملاً، بل أحسن عملاً، ولايكون العمل حسناً حتى يكون خالصاُ لله عز وجلّ، على شريعة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فمتى فقد العمل واحداً من هذين الشرطين حبط وبطل " أهـ (2/ 574)

وقال شيخنا العلامة الراحل محمد العثيمين رحمه الله: (وتأمل قوله تعالى: {ْ أَحْسَنُ عَمَلاً} ولم يقل: "أكثر عملاً"؛ لأن العبرة بالأحسن لا بالأكثر، وعلى هذا لو صلى الإنسان أربع ركعات لكنْ على يقين ضعيف أو على إخلال باتباع الشرع، وصلى آخر ركعتين بيقين قوي ومتابعةٍ قوية فأيهما أحسن؟ الثاني؛ بلا شك أحسن وأفضل، لأن العبرة بإحسان العمل وإتقانه إخلاصاً ومتابعة.) بتصرف من تفسيره لسورة الكهف: 7)

ويقول الشيخ العارف الفضيل بن عياض رحمه الله، كما حكاه عنه شيخ الإسلام في الفتاوي (10/ 173) قال: " قوله " ليبلوكم أيكم أحسن عملاً "

قال أخلصه وأصوبه.

قيل: يا أبا علي، ما أخلصه وأصوبه؟

قال: إنّ العمل إذا كان خالصاً لله ولم يكن صواباً لم يقبل؛ حتى يكون خالصاً صواباً، فالخالص: ما كان الله تعالى، والصواب: ما كان على السنة. "

فيا لله ما أعظم فقه القوم، ولا عجب ..

إنهم القوم فقهوا عن الله، ووعو عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، علموا ما المراد منهم فامتثلوه،على أكمل وجه وزياده،وتركوا المنكر ونبذوه خلفهم بلا ريادة، فكان الجزاء من جنس العمل: " للذين أحسنوا الحسنى وزياده "

فأكثرُ منْ تَلقىَ يسرك قوله ... ولكن قليلٌ من يسرك فعلُهُ.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

" وجماع الدين شيئان:

أحدهما: أن لا نعبد إلا الله تعالى.

والثاني: أن نعبده بما شرع، لا نعبده بالبدع، كما قال: " ليبلوكم أيكم أحسن عملاً " .... وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول في دعائه:

اللهم أجعل عملي كله صالحاً، واجعله لوجهك خالصاً، ولا تجعل لأحدٍ فيه شيئاً "

المجموع (28/ 23)

وذا أحد السلف يقول:

" لا يكن هم أحدكم في كثرة العمل، ولكن ليكن همه في إحكامه وإتقانه وتحسينه؛ فإن العبد قد يصلي وهو يعصي الله في صلاته، وقد يصوم وهو يعصي الله في صيامه "

فلو تأمل العاقل الأريب في حال قيامه بالعبادة.

هل المقصود والغاية منها الجهد والتعب، كلا وربي بل إن الله لغني عن عباده وعن عبادتهم إياه، ولكن هي نسمات إيمانية، ونفحات روحانية، أمرهم بها ربهم لينالوها، ولكن شقي من شقي وسعد من سعد وذلك فضل الله يوتيه من يشاء.

قال قتادة رحمه الله:

" إن الله لم يأمر العباد بما أمرهم به لحاجته إليهم، ولا ينهاهم عما نهاهم عنه بخلاً عليهم؛ بل أمرهم بما ينفعهم ونهاهم عما يضرهم " المجموع (1/ 216)

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

" الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعث بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، فما أمر الله به، فمصلحته راجحة، وما نهى عنه، فمفسدته راجحة "

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير