تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المجموع (1/ 138)

وتأمل أيها الفطن اللبيب:

قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في الصحيح حين ذكر كثرة عمل الخوارج فقال:

" يحقر أحدكم صلاته إلى صلاتهم، وصيامه إلى صيامهم، وقراءته إلى قراءتهم، يقرؤون القرآن لايجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية " وهذا الشاهد.

أليسوا من أكثر الناس صلاةً وصياماً وقراءة للقرآن؟

بلى.

ولكن اتباع السنة وإتقان العمل وتصويبه أفضل عند الله وإن قل من كثرته لو كان مجانباً للسنة فاعلاً للبدعة.

وأصدق دليل على ذلك ما رواه البخاري رحمه الله في صحيحه من حديث انس رضي الله عنه قال:

جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا فَقَالُوا وَأَيْنَ نَحْنُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ أَحَدُهُمْ أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي. "

والشاهد من الحديث: (كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا) ولمَّا كان ذلك داء التوجيه النبوي بتصحيح ذلك وبيان المراد من العبادة من الإحسان والاتقان ولو بالقليل.

وما أجمل ما ذكره الإمام احمد رحمه الله في الزهد (صـ 196) عن أُبَيّ بن كعب رضي الله عنه قال: " اقتصاد في سنة خير من اجتهاد في البدعة "

وأخرج الحاكم رحمه الله في مستدركه (1/ 103) من قول ابن مسعود رضي الله عنه، قال: " الاقتصاد في السنة أحسن من الاجتهاد في البدعة ".

فإذا عُلِم هذا ..

فإحسان العبادة، وإتقانها هو عين الأمر المأمور به العبد، وهي الجنة التي في الدنيا، ومن لم يدخلها بحق فليس يدخل جنة الآخرة.

نسأل الله العلي الكريم من فضله.

والله أعلم

قاله مقيِّده

أبو العالية

عفا الله عنه

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير