ب- إن شق عليه الصوم وأعرض عن قبول الرخصة، فالفطر في حقه أفضل عن الصوم لعموم قوله تعالى: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} [البقرة:286].
وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: {إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه} [رواه ابن حبان، الطبراني في الكبير].
ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: {ليس من البر الصيام في السفر} [رواه البخاري، ومسلم من حديث جابر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -].
جـ- إن لم تتحقق المشقة فإنه يخير بين الصوم والفطر لما ورد عن حمزة بن عمرو الأسلمي قال للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: {أأصوم في السفر؟ - وكان كثير الصيام - فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: "إن شئت فصم، وإن شئت فافطر"} [رواه البخاري].
ولم يعب أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعضهم بعضاً في الصوم والإفطار- أي: حال السفر- لما ورد عن أنس بن مالك قال: {كنا نسافر مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم} [متفق عليه].
أخطاء يقعل فيها بعض الصائمين والصائمات
هذه جملة من الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين والصائمات في شهر رمضان.
1 - ومن الأخطاء: سرعة الغضب والصخب والرفث، في نهار رمضان وينبغي للصائم أن يتمثل بحديث النبي: {الصوم جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو شاتمه فليقل: اني صائم} [رواه البخاري، ومسلم].
والصيام لا يكون عن الأكل والشرب فقط، وإنما هو صيام يشمل صيام الجوارح عن المعاصي، وصيام اللسان عن الفحش ومساوئ الأخلاق.
2 - ومن الأخطاء: إهدار الأوقات الفاضلة من نهار رمضان في متابعة المسابقات الفضائية وما يصاحبه ذلك من الموسيقى والغناء والمسلسلات المائعة.
وهذا بلا شك يضعف الإيمان، ويضيع على الصائم أجوراً عظيمة يجب اغتنامها في هذا الشهر الكريم، وكيف يستبدل المسلم ما هو أدنى بما هو خير؟
فالواجب على المسلم الحرص على أستغلال كل وقته في رمضان في طاعة الله عز وجل وقراءة القرآن، والذكر، والدعاء، وقراءة الكتب النافعة، والمكوث في المسجد، وحضور مجالس العلم حتى يحصد الأجر والثواب في هذا الشهر العظيم.
3 - ومن الأخطاء: تحرج بعض الصائمين من الإفطار في السفر، وهذا خطأ فإن رخصة الإفطار في السفر قد دل عليه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه}.
4 - ومن الأخطاء: المسارعة في قراءة القرأن بلا تدبر أو ترتيل بهدف الانتهاء من استكمال قراءته معتقداً أن ما يفعله هو الصحيح، ولكنه هو على خطر عظيم لأن القرآن نزل في هذا الشهر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال الله فيه {ورتل القران ترتيلا} [المزمل:4].
فالواجب: الترتيل في القراءة، والتأني، وتدبر معانيه.
5 - ومن الأخطاء: إضاعة سنة الاعتكاف مع القدرة عليها بالرغم من حصول الكثيرين على إجازة في ذلك الوقت إلا أنهم لا يطبقون سنة الاعتكاف في المسجد.
6 - ومن الأخطاء: تحرج بعض الصائمين من حلق الشعر، أو قص الأظافر، أو نتف الإبط، أو حلق العانة في نهار رمضان بحجة أن ذلك يفسد الصيام.
والصحيح: أن كل ذلك لا يفطر الصائم ولا يفسد صومه، بل هو من السنن المستحبة.
7 - ومن الأخطاء: تحرج بعص الصائمين من بلع الريق في نهار رمضان وما يصاحب ذلك من كثرة البصق بحجة عدم إفساد صومه، وتأذي المسلمين بهذا.
والصحيح: أنه لا بأس من ابتلاع الريق ولو كثر ذلك، وتتابع في المسجد وغيره، ولكن إذا كان بلغماً غليظاً كالنخامة فلا يبلعا بل يبصق في منديل ونحوه. ولا يكون ذلك بصوت يؤذي من حوله.
8 - ومن الأخطاء: المبالغة في التمضض والاستنشاق في نهار رمضان بلا حاجة بحجة شدة الحر وتخفيف وطأة الحر عليه.
قال الشيخ ابن العثسمين: (قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: {أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً} وهذا دليل على أن الصائم لا يبالغ في الاستنشاق، وكذلك لا يبالغ في المضمضة؛ لأن ذلك قد يؤدي إلى نزول الماء إلى جوفه فيفسد به صومه) [فقه العبادات].
9 - ومن الأخطاء: تحرج بعض مرضى الربو من استعمال البخاخ خوفاً من فساد صومه.
وفي هذا يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (استعمال هذا البخاخ جائز للصائم سواء كان صيامه في رمضان أم في غير رمضان، وذلك لأن هذا البخاخ لا يصل إلى المعدة، وإنما يصل إلى القصبات الهوائية فتنفتح لما فيه من خاصية ويتنفس الإنسان تنفساً عادياً بعد ذلك. فليس هو بمعنى الأكل والسرب) [كتاب الدعوة].
10 - ومن الأخطاء: تحرج بعض الصائمين من وضع قطرة العين، أو قطرة الأذن، أو وضع الحناء على الرأس، أو الاكتحال.
والصحيح: أن كل هذا لا يفطر به الصائم ومن المباحات أثناء الصيام في أصح قولي العلماء، الذي لا يجوز هو قطرة الأنف لأنها منفذ إلى المعدة.
نسأل الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال، وأن يتقبل منا الصيام منا الصيام والقيام، وأن يبارك في أعمالنا، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أخطاء في الاعتكاف
الاعتكاف سنة من سنن العام لا تختص بوقت أو زمان معين، إلا أنها تتأكد في العشر الأواخر من شهر رمضان.
وهناك بعض الاخطاء التي يقع فيها المعتكفون، من ذلك:
1 - تحويل بعض المعتكفين الاعتكاف إلى مجال للحديث الدنيوي، وعدم الاشتغال بالعبادة التي هي الغاية من الاعتكاف.
2 - ومن أخطاء المعتكفين أيضاً: كثرة الخروج من غير حاجة معتبرة، كالخروج المتكرر إلى السوق لشراء الأكل، بينما يكفيه من ذلك مرة واحدة.
3 - ومن أخطاء المعتكفين: عدم المحافظة على نظافة المسجد، فيترك البعض بعض مخلفاتهم دون تنظيف، والنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقول: (البزاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها) متفق عليه. فينبغي للمعتكف أن يتعاهد موضع معتكفه بالتنظيف.