[نظرات في نقل الخلاف الفقهي إلى خلاف عقدي وتصنيف الناس من أجله]
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[16 - 09 - 06, 06:17 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد:
فهذا الموضوع يدور في ذهني منذ فترة وتراودني فكرة طرحه كثيرا لما له من أهمية _في نظري_ لفهم مظهر من مظاهر الخلل في واقعنا المعاصر،والحامل لي على الاهتمام بالموضوع أن جعل بعض مسائل الفروع علما على العقيدة أمر ليس بالجديد بل هو موجود في كلام السلف،ومصنفات العقيدة شاهدة بذلك كما ذكر أبوعبدالله سفيان الثوري وابو عبدالله أحمد بن حنبل وأبو عثمان الصابوني وقوام السنة الأصفهاني وسهل التستري وأبو عبد الله محمد بن خفيف والطحاوي وغيرهم من أئمة السنة رحمهم الله ذكروا مسائل فروعية في مصنفاتهم في السنة وبيان الاعتقاد، فالإشكال _في نظري_ ليس في مجرد ذكر هذا النوع من المسائل وإنما في جلب مسائل معينة كان السلف يبحثونها بكل أريحية ويسر ولاينكرون فيها على المخالف طرفة عين ثم يجعلها بعض المتكلمين في هذا الزمان علما على السنة وشعارا لأهل السنة.
والمتأمل في كلام السلف رحمهم الله في هذا الباب يجد أنهم يذكرون مسائل فروعية شتى كالمسح على الخفين، وترك الجهر بالبسملة، والمبادرة بصلاة المغرب،وصلاة الجمعة والجماعة خلف كل بر وفاجر، وقصر الصلاة للمسافر، والصلاة على من مات من أهل القبلة، وتحريم نكاح المتعة والغناء والسماع، وإباحة التجارات والمكاسب،وغير ذلكم من المسائل.
وليس القصد هنا الاستقصاء ولا الإحصاء وإنما المقصود أن كثيرا من هذه المسائل إن لم يكن أكثرها فيه خلاف حتى بين أهل السنة أنفسهم.
ولا أظن الإنكار متوجها إلى من قال بخلاف ما قرروه من أهل السنة، وإنما لأن هذه المسائل صارت علما على فرق بعينها كالرافضة والخوارج ومن تتبع هذه المسائل وجد أن جلها يخالف فيها الرافضة او الخوارج ولهذا تجد الأئمة عند تناولها فقهيا لايشددون على المخالف في كثير منها إذا كان المخالف من أهل السنة ولايبدعونه ولايخرجونه من السنة بسببها وانظر مثلا إلى مسألة القنوت في الفجر والجهر بالبسملة ونحوهما فهي مسائل ذكرت في بعض كتب العقيدة ولكن عند تناولها الفقهي يختلف الحال تماما.
ولعمر الله هذا فهم راق قصرت دونه أفهام كثير من بني الزمان فصرتَ ترى تناول هذه المسائل بمنظور واحد وإطلاق في الإنكار على المخالف فيها.
وليت الأمر اقتصر على هذه المسائل المذكورة بعينها إذن لكان الخطب سهلا ولكن مما زاد الأمر ضغثا على إبالة أن وسع النطاق وضيق الخناق، فصار الناس يصنفون بمسائل المخالف فيها هم جمهور السلف رغم أنف الجهال كوجوب الجماعة والسبحة والإسبال، ومسائل الخلاف فيها سائغ قوي كالأخذ من اللحية و سماع الدف للرجال، ومسائل كان تناولها شديدا في بعض الأزمان لعوارض ما فأردنا جعل الإنكار فيها عاما وإن انتفى المقتضِي أو ضعف.
والمشكل في هذه النماذج أن المنكرين غالبا لايعرفون وجوه الاستدلال ولا وقوع الخلاف فيها بين السلف وبعضهم يريد أن يرفع الخلاف بين السلف بهرطقته التي سيميها اجتهادا واستدلالا ويظن أنه أتى بما لايستطيع المخالف رده ولسان حاله وربما مقاله:
وإني وإن كنت الأخير زمانه ........ لآت بما لم تستطعه الأوائل
فياسبحان الله!!! كيف نترك كلام المجتهدين إلى كلام من لايعتد به في رفع إجماع سابق أو إيجاد إجماع بعد خلاف؟!!!
وانظر _يارعاك الله_إلى الأوقات المهدرة في مناقشة هذا النوع من المسائل وما ينشأ عن نقاشها من ضغائن وأحقاد وتحزبات.
وإني تأملت بعض هذه المسائل التي تصنف فيها التصانيف في زماننا فما وجدت للسلف فيها كتابا مستقلا فضلا عن سلسلة كتب وردود.فالله المستعان.
والحديث لعمر الله ذو شجون ولولا ضيق الوقت وتشتت البال وتشوش الخاطر بالبلبال لحبرت المقال وأكثرت الكلام ووسعت المجال غير أنها نفثة مصدور اقتضاها الخاطر المكدود على عجره وبجره ولعل الإخوة يناقشون ويوسعون بعلم وإنصاف متجنبين التعصب والاعتساف عساها تكون لبنة من لبنات الإصلاح ينفلق بها الإصباح ويتضح طريق أهل الغي من أهل الصلاح والله سبحانه هو المسؤول أن يفتح بيننا وبين قومنا بالحق إنه هو العليم الفتاح.
ـ[عمر الإمبابي]ــــــــ[16 - 09 - 06, 07:06 م]ـ
¥