تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[القول المستجاد في دفع شبه وعناد من يتذرع بتجزؤ الاجتهاد]

ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[16 - 09 - 06, 11:13 م]ـ

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وأشهد ألا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين

أما بعد:

ففي العصر الفوضى العلمية نبتت نابتة لم تشم رائحة الفقه وادعت لنفسها الاجتهاد فإذا ما ضُيق عليها وبُين لها أن للاجتهاد شروطا وذُكرت لها شروطه قالت بملء فيها_فض فوها_هذه الشروط لاتوجد عند أبي بكر وعمر وعثمان علي رضي الله عنهم، و ادعت أن كل أحد يمكنه فهم النصوص والاستنباط منها وأننا رجال وهم رجال وأن الرجوع للعلماء وفهمهم ضرب من ضروب اتخاذ الأولياء من دون الله،وقد قال لي أحدهم مرة وقد دعوته إلى اتباع العلماء والوقوف عند فهمهم "اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولاتتبعوا من دونه أولياء"!!!، ولايدري هؤلاء الأغرار أنهم بهذا العبث والهراء يطعنون في الصحابة بعد طعنهم في العلماء والأئمة.

ولاريب أن شبهتهم ساقطة ويكفي في إسقاطها قول الله جل ذكره فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون وقوله ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم.

ومع أن هؤلاء كثيرون الآن ولهم منَظِّرون ودعاة يدعون إلى إفكهم باسم السلفية واتباع السنة وغيرها من الأسماء فليس القصد من هذه المقالة مناقشة هذا الصنف من الناس مع أهمية مناقشتهم، وإنما القصد مناقشة صنف آخر عنده نوع فهم فإذا ما سلم لك أنه غير مجتهد ذهب يستدل على جرأته على الله ورسوله بكلام العلماء في أن الاجتهاد يتجزأ.

ومع أن المسألة خلافية بين أهل الأصول فمن قائل بجوازه ومن قائل بعدم الجواز ومن قائل بتجزؤه في باب لافي مسألة ومن قائل بالتجزؤ في الفرائض لافي غيرها،إلا أن من قال بالجواز لم يجعل هذا المنصب لكل أحد بل اعتبر شروطه هي هي شروط المجتهد ولذا فقد عللوا الجواز بأنه لايلزم من العلم بجميع المآخذ العلم بجميع الأحكام لأن بعض الأحكام قد يُجهل لتعارض الأدلة أو للعجز عن المبالغة في النظر لمانع ما.

فتأمل_حفظك الله_تعليلهم يتبين لك أن الكلام فيمن يعلم جميع المآخذ وليس فيمن لايحسن قراءة القرآن فضلا عن الاستنباط منه ولايعرف أدلة الفقه فضلا عن أن يستدل بها _وأعني بأدلة الفقه ماهو أعم من الكتاب والسنة_وغاية بعضهم أن يجمع الأقوال من هنا ومن هنا ثم يرجح بينها بطريقة خرقاء ظانا أن ترجيحه الأحمق رافع للخلاف، فيالله العجب!!!

هل حصلت يا بُني شروط الاجتهاد حتى تتكلم في دين الله وتوقع عن رب العالمين؟!!!

وهل أصبح المجتهد هو من يجمع الأقوال بأدلتها من الحاسوب وبرامجه أو حتى من الكتب ثم يرجح قولا على قول؟

يا رجل أرحنا منك ومن شرك وانشغل بما ينفعك في دينك ودنياك ودع العلم لأهله أو اسلك طريقهم إن أردت الفلاح.

قال الحافظ ابن رجب في رسالته الماتعة في الرد على من اتبع غير المذاهب الأربعة"فإن ادعى مع ذلك الاجتهاد كان أدهى وأمر وأعظم فسادا وأكثر عنادا فإنه لايسوغ ذلك مطلقا إلا لمن كملت فيه أدوات الاجتهاد من معرفة الكتاب والسنة وفتاوي الصحابة والتابعين ومعرفة الإجماع والخلاف وبقية شرائط الاجتهاد المعروفة وهذا يدعي إطلاعا كثيرا على السنة ومعرفة صحيحها من سقيمها ومعرفة مذاهب الصحابة والتابعين والآثار المنقولة عنهم في ذلك.

ولهذا كان الإمام أحمد يشدد أمر الفتيا ويمنع منها من يحفظ مائة ألف حديث ومائتي ألف حديث وأكثر من ذلك (قلت: حسبي الله ونعم الوكيل في أقوام يفتون إذا حفظوا بلوغ المرام أو المحرر أو حتى المنتقى فضلا عمن دونهم ممن لم يحفظ الأربعين النووية ويقولون ماعذرنا إن علمنا الحديث أن نخالفه؟ الله المستعان، وهل أدلة الفقه محصورة في الحديث يا عبد الله؟ وهل عرفت صحة الحديث وضعفه باجتهاد أم بتقليد؟ وهل كل من عرف الحديث وصحته ولو باجتهاد صار أهلا لفهمه و لأن يفتي في دين الله؟ وهذا إمام العلل علي بن المديني الذي لم يأت بعده مثله وكان البخاري لايحقر نفسه أمام أحد غيره يقول مع سعة علمه واطلاعه وإحاطته بالنصوص: أحمد حجة بيني وبين الله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير