ونقل النووي رحمه الله في شرح المهذب عن الإمام ابن المنذر رحمه الله: أن هذا هو قول الليث بن سعد والإمام الشافعي والإمام أحمد رحمة الله عليهم، قال: يعني ابن المنذر (ولا أعلمه إلا قول المدني والكوفي يعني مالكاً وأبا حنيفة رحمهم الله) انتهى.
قال جمع من العلماء إنما يعم حكم الرؤية إذا اتحدت المطالع، أما إذا اختلفت فلكل أهل مطلع رؤيتهم.
وحكاه الإمام الترمذي رحمه الله عن أهل العلم، واحتجوا على ذلك بما خرجه مسلم في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن كريباً قدم عليه في المدينة من الشام في آخر رمضان، فأخبره أن الهلال رؤي في الشام ليلة الجمعة، وأن معاوية والناس صاموا بذلك فقال ابن عباس: ((لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نراه أو نكمل العدة))، فقال له كريب: أو لا تكتفي برؤية معاوية وصيامه فقال: لا، ((هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم)) [15].
قالوا: فهذا يدل على أن ابن عباس يرى أن الرؤية لا تعم، وأن لكل بلد رؤيتهم إذا اختلفت المطالع، وقالوا: إن المطالع في منطقة المدينة غير متحدة مع المطالع في الشام، وقال آخرون: لعله لم يعمل برؤية أهل الشام؛ لأنه لم يشهد بها عنده إلا كريب وحده، والشاهد الواحد لا يعمل بشهادته في الخروج، وإنما يعمل بشهادته في الدخول.
وقد عرضت هذه المسألة على هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في الدورة الثانية المنعقدة في شعبان عام 1392هـ فاتفق رأيهم على أن الأرجح في هذه المسألة التوسعة في هذا الأمر وذلك بجواز الأخذ بأحد القولين على حسب ما يراه علماء البلاد.
قلت: وهذا قول وسط وفيه جمع بين الأدلة وأقوال أهل العلم. إذا علم ذلك، فإن الواجب على أهل العلم في كل بلد أن يعنوا بهذه المسالة عند دخول الشهر وخروجه أن يتفقوا على ما هو الأقرب إلى الحق في اجتهادهم، ثم يعملوا بذلك ويبلغوه الناس، وعلى ولاة الأمر لديهم وعامة المسلمين متابعتهم في ذلك ولا ينبغي أن يختلفوا في هذا الأمر؛ لأن ذلك يسبب انقسام الناس وكثرة القيل والقال، إذا كانت الدولة غير إسلامية.
أما الدولة الإسلامية فإن الواجب عليها اعتماد ما قاله أهل العلم، وإلزام الناس به من صوم أو فطر، عملاً بالأحاديث المذكورة، وأداءً للواجب، ومنعاً للرعية مما حرم الله عليها. ومعلوم أن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، وأسأل الله أن يوفقنا وجميع المسلمين للفقه في الدين والثبات عليه والحكم به والتحاكم إليه والحذر مما يخالفه إنه جواد كريم. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه.
[1] نشر في مجلة الجامعة الإسلامية العدد الثاني لشهر شوال عام 1394هـ
[2] رواه مسلم في الصيام باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤيته برقم 1081، والنسائي في الصيام باب ذكر الاختلاف على عمر بن دينار برقم 2124، واللفظ له.
[3] رواه مسلم في الصيام باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤيته برقم 1081، والنسائي في الصيام باب ذكر الاختلاف على عمر بن دينار برقم 2124، واللفظ له.
[4] رواه مسلم في الصيام باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤيته برقم 1081، والنسائي في الصيام باب ذكر الاختلاف على عمر بن دينار برقم 2124، واللفظ له.
[5] رواه البخاري في الصوم باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا رأيتم الهلال فصوموا " برقم 1909.
[6] رواه أحمد في مسند الكوفيين حديث رجل برقم 18071، والنسائي في الصيام باب ذكر الاختلاف على منصور برقم 2097
[7] رواه أبو داود في الصوم باب في شهادة الواحد على رؤية هلال رمضان برقم 2342، والدارمي في الصوم باب الشهادة على رؤية هلال رمضان برقم 1691
[8] رواه ابن ماجة في الصيام باب ما جاء في الشهادة على رؤية الهلال برقم 1652
[9] رواه النسائي في الصيام باب قبول شهادة الرجل الواحد برقم 2116
[10] رواه أبو داود في الصوم باب شهادة رجلين على رؤية هلال شوال برقم 2338
[11] رواه البخاري في الصوم باب قول النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأيتم الهلال برقم 1907
[12] رواه مسلم في الصيام باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤيته برقم 1081، والنسائي في الصيام باب ذكر الاختلاف على عمر بن دينار برقم 2124، واللفظ له.
[13] رواه مسلم في الصيام باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤيته برقم 1081، والنسائي في الصيام باب ذكر الاختلاف على عمر بن دينار برقم 2124، واللفظ له
[14] رواه مسلم في الصيام باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال برقم 1081
[15] رواه مسلم في مسند بني هاشم بداية مسند عبد الله بن العباس برقم 2785، ومسلم في الصيام باب بيان أن لكل بلد رؤيتهم برقم 1087، والترمذي في الصوم باب ما جاء لكل بلد رؤيتهم برقم 693
أظهر الشجرة كاملة
التفسير
العقيدة
الفقه
الحديث
مسائل متفرقة
الأخلاق والآداب
كتاب العلم
شرح متن الرحبية في المواريث الشريط الحادي عشر
شرح متن الرحبية في المواريث الشريط التاسع
شرح متن الرحبية في المواريث الشريط العاشر
شرح متن الرحبية في المواريث الشريط الثاني عشر
شرح متن الرحبية في المواريث الشريط الثالث عشر
شرح متن الرحبية في المواريث الشريط الثاني
شرح متن الرحبية في المواريث الشريط الثالث
شرح متن الرحبية في المواريث الشريط الرابع
شرح متن الرحبية في المواريث الشريط الخامس
شرح متن الرحبية في المواريث الشريط السادس
شرح متن الرحبية في المواريث الشريط السابع
شرح متن الرحبية في المواريث الشريط الثامن
شرح متن الرحبية في المواريث الشريط الأول
شرح كتاب التوحيد الشريط الثالث
شرح كتاب التوحيد الشريط الرابع
منقول عن موقع الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى