تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[أسباب رفع البلاء أو تخفيفه]

ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[18 - 09 - 06, 10:18 ص]ـ

[أسباب رفع البلاء أو تخفيفه]

ذكر الله - سبحانه وتعالى - في كتابه الكريم أن المصائب والكربات التي تصيب المؤمنين من عباده هي من عند أنفسهم سواء كانت هذه المصائب فردية أو جماعية، قال - عز وجل -: {ومَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ويَعْفُو عَن كَثِيرٍ} [الشورى: 30] ومن رحمته - سبحانه - أنه جعل هذه الكربات أو البلايا التي يصيب بها عباده المؤمنين بمثابة الدواء المر الذي يتجرعه المريض ليشفي من مرضه، وهذا المرض هو الذنوب التي تتراكم في صحائف أعمال العباد فتأتي هذه المصائب لتكفر الذنوب، ولتنبه ذوي القلوب الحية إلى العودة إلى الله بالتوبة إن أراد الله بها خيراً.

وقد يستطيع المؤمن أن يفعل بعض الأسباب التي - بمشيئته - يرفع الله بها بلاءً كتبه عليه أو يخففه عنه بهذه الأسباب .. ومن هذه الأسباب وأهمها:

(1) التقوى:كما هو معروف:

هو فعل أوامر الله واجتناب معاصيه الظاهرة والباطنة ومراقبة الله في السر والعلن في كل عمل.

قال - سبحانه وتعالى-: {ومَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً} [الطلاق: 2].

جاء في تفسير ابن كثير: قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في تفسير هذه الآية: أي ينجيه من كل كرب في الدنيا والآخرة. وقال الربيع بن خُثيم: {يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً}: أي من كل شيء ضاق على الناس.

ويأتي حديث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لعبد الله بن عباس1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - ليوضح نتيجة هذه التقوى أو أثرها في حياة المؤمن حين قال له: (يا غلام، إني معلّمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، تعرف إلى الله في الرخاء،يعرفك في الشدة).

ومعنى احفظ الله: أي احفظ أوامر الله ونواهيه في نفسك.

ومعنى يحفظك: أي يتولاك ويرعاك ويسددك ويكون لك نصيراً في الدنيا والآخرة.

قال - سبحانه -: {أَلا إنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس: 62].

(2) أعمال البر (كالإحسان إلى الخلق بجميع صوره)، والدعاء:

ونستدل هنا على ذلك بقصة الثلاثة الذين انسدَّ عليهم الغار بصخرة سقطت من الجبل، فقالوا (ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم) فكلٌّ دعا بصالح عمله فانفرجت الصخرة وخرجوا جميعاً، وهذا الحديث رواه البخاري ومسلم.

وقد جاء في الحديث من صحيح الجامع الصغير: (صدقة السر تطفئ غضب الرب وصلة الرحم تزيد في العمر، وفعل المعروف يقي مصارع السوء).

وجاء في الدعاء من صحيح الجامع الصغير: (لا يرد القضاء إلا الدعاء،ولا يزيد في العمر إلا البر).

فليثق بالله كل مؤمن ومؤمنة لهما عند الله رصيد من أعمال الخير، فليثق كل منهما أن الله لن يخذل من يفعل الخير خالصاً لوجهه الكريم وأنه سيرعاه ويتولاه.

فكما قالت خديجة - رضي الله عنها - للرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عندما عاد إليها من غار حراء وهو خائف بعد نزول جبريل - عليه السلام - مذكِّرة له بسجاياه الطيبة، وأعماله الكريمة وأن مَن تكون هذه سجاياه وأعماله فلن يضيعه الله وسيرعاه ويتولاه بحفظه.

قالت له: {كلا، أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبداً، إنك تصل الرحم،وتصدق الحديث، وتحمل الكَلّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق}.

ومن أمثلة أثر الدعاء في رفع البلاء قبل وقوعه: قصة قوم يونس. قال -تعالى -: {فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إيمَانُهَا إلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا ومَتَّعْنَاهُمْ إلَى حِينٍ} [يونس: 98]. وذكر ابن كثير في تفسير هذه الآية: أنه عندما عاين قوم يونس أسباب العذاب الذي أنذرهم به يونس خرجوا يجأرون إلى الله ويستغيثونه، ويتضرعون إليه وأحضروا أطفالهم ودوابهم ومواشيهم وسألوا الله أن يرفع عنهم العذاب؛ فرحمهم الله وكشف عنهم العذاب.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير