تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[كلام أشكل على للإمام ابن القيم رحمه الله تعالى ..]

ـ[خطاب القاهرى]ــــــــ[19 - 09 - 06, 12:05 ص]ـ

قال رحمه الله:

(فنقول اما المسألة الاولى وهي قول السائل قد اشتهر عندكم بان اهل الكتابين ما منعهم من الدخول في الاسلام الا الرياسة والمأكلة لا غير

(فنقول هذا) كلام جاهل بما عند المسلمين وبما عند الكفار، اما المسلمون فلم يقولوا انه لم يمنع اهل الكتاب من الدخول في الاسلام الا الرياسة والماكلة لا غير، وان قال هذا بعض عوامهم فلا يلزم جماعتهم، والممتنعون من الدخول في الاسلام من اهل الكتاب وغيرهم جزء يسير جداً بالاضافة الى الداخلين فيه منهم، بل اكثر الامم دخلوا في الاسلام طوعاً ورغبةً واختياراً لا كرهاً ولا اضطراراً، فان الله سبحانه وتعالى بعث محمداً صلى الله عليه وسلم رسولاً الى اهل الارض وهم خمسة أصناف قد طبقوا الارض: يهود، ونصارى، ومجوس، وصابئة، ومشركون.

وهذه الاصناف هي التي كانت قد استولت على الدنيا من مشارقها الى مغاربها.

فأما اليهود فاكثر ما كانوا باليمن وخيبر والمدينة وما حولها، وكانوا باطراف الشام مستذلين مع النصارى، وكان منهم بارض فارس فرقة مستذلة مع المجوس، كان منهم بارض العرب فرقة، واعز ما كانوا بالمدينة وخيبر، وكان الله سبحانه قد قطعهم في الأرض أمماً وسلبهم الملك والعز.

وأما النصارى فكانوا طبق الارض: فكانت الشام كلها نصارى، وارض المغرب كان الغالب عليهم النصارى، وكذلك ارض مصر والحبشة والنوبة والجزيرة والموصل وارض نجران وغيرها من البلاد.

واما المجوس فهم اهل مملكة فارس وما اتصل بها.

وأما الصابئة فاهل حران وكثير من بلاد الروم.

واما المشركون فجزيرة العرب جميعها وبلاد الهند وبلاد الترك وما جاورها، وأديان اهل الارض لا تخرج عن هذه الاديان الخمسة، ودين الحنفاء لا يعرف فيهم البتة.

وهذه الاديان الخمسة لها للشيطان كما قال ابن عباس رضي الله عنهما وغيره: الأديان ستة واحد للرحمن وخمسة للشيطان.

وهذه الاديان الستة مذكورة في آية الفصل في قوله تعالى: إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد.

فلما بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم استجاب له ولخلفائه بعده اكثر اهل الاديان طوعاً واختياراً، ولم يكره احداً قط على الدين، وانما كان يقاتل من يحاربه ويقاتله، واما من سالمه وهادنه فلم يقاتله ولم يكرهه على الدخول في دينه امتثالاً لامر ربه سبحانه حيث يقول: لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي وهذا نفي في معنى النهي، أي لا تكرهوا احداً على الدين، نزلت هذه الآية في رجال من الصحابة كان لهم أولاد قد تهودوا وتنصروا قبل الاسلام فلما جاء الاسلام أسلم الآباء وأرادوا إكراه الأولاد على الدين، فنهاهم الله سبحانه عن ذلك حتى يكونوا هم الذين يختارون الدخول في الإسلام.

والصحيح أن الآية على عمومها في حق كل كافر، وهذا ظاهر على قول من يجوز اخذ الجزية من جميع الكفار، فلا يكرهون على الدخول في الدين، بل اما ان يدخلوا في الدين واما ان يعطوا الجزية كما يقوله اهل العراق وأهل المدينة، وان استثنى هؤلاء بعض عبدة الأوثان.

ومن تأمل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم تبين له انه لم يكره أحداً على دينه قط وانه انما قاتل من قاتله واما من هادنه فلم يقاتله مادام مقيما على هدنته لم ينقض عهد، بل امره الله تعالى ان يفي لهم بعهدهم ما استقاموا له كما قال تعالى: فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم.

ولما قدم المدينة صالح اليهود واقرهم على دينهم، فلما حاربوه ونقضوا عهده وبدؤوه بالقتال قاتلهم، فمن على بعضهم، وأجلى بعضهم، وقبل بعضهم.

وكذلك لما هادن قريشا عشر سنين لم يبدأهم بقتال حتى بدأوا هم بقتاله ونقضوا عهده، فعند ذلك غزاهم في ديارهم، وكانوا هم يغزونه قبل ذلك كما قصدوه يوم أحد ويوم الخندق، ويوم بدر ايضاً هم جاءوا لقتاله ولو انصرفوا عنه لم يقاتلهم.

والمقصود: انه صلى الله عليه وسلم لم يكره احداً على الدخول في دينه البتة، وانما دخل الناس في دينه اختياراً وطوعاً فاكثر اهل الارض دخلوا في دعوته لما تبين لهم الهدى وانه رسول الله حقاً فهؤلاء اهل اليمن كانوا لى دين اليهودية أو اكثرهم كما قال النبي لمعاذ لما بعثه الى اليمن: انك ستأتي قوما أهل كتاب فليكن اول ما تدعوهم اليه شهادة ان لا اله الا الله.

ثم دخلوا في الاسلام من غير رغبة ولا رهبة، وكذلك من اسلم من يهود المدينة وهم جماعة كثيرون غير عبد الله بن سلام مذكورون في كتب السير والمغازي لم يسلموا رغبة في الدنيا ولا رهبة من السيف بل اسلموا في حال حاجة المسلمين وكثرة اعدائهم ومحاربة اهل الارض لهم من غير سوط ولا نوط، بل تحملوا معاداة اقربائهم وحرمانهم نفعهم بالمال والبدن مع ضعف شوكة المسلمين وقلة ذات ايديهم.

فكان احدهم يعادي اباه وأمه وأهل بيته وعشيرته، ويخرج من الدنيا رغبة في الاسلام لا لرياسة ولا مال، بل ينخلع من الرياسة والمال ويتحمل أذى الكفار من ضربهم وشتمهم وصنوف أذاهم ولا يصرفه ذلك عن دينه فان كان كثير من الأحبار والرهبان والقسيسين ومن ذكره هذا السائل قد اختاروا الكفر فقد اسلم جمهور اهل الارض من فرق الكفار ولم يبق الا الاقل بالنسبة الى من اسلم، فهؤلاء نصارى الشام كانوا ملئ الشام ثم صاروا مسلمين الا النادر، فصاروا في المسلمين كالشعرة السوداء في الثور الابيض وكذلك المجوس كانت امة لا يحصى عددهم الا الله فاطبقوا على الاسلام لم يتخلف منهم الا النادر، وصارت بلادهم بلاد اسلام، وصار من لم يسلم منهم تحت الجزية والذلة، وكذلك اليهود اسم اكثرهم ولم يبق منهم الا شرذمة قليلة مقطعة في البلاد.) أهز

من كتاب هداية الحيارى للإمام رحمه الله ..

و وجه الإشكال , أن جهاد الطلب لم يذكر فى كلام الإمام المنقول , و الذى فتح به الصحابة البلدان فى مشارق الأرض و مغاربها ..

هل من مفيد بارك الله فيكم و أعزكم؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير