ترجع صواحباتها بحج و عمرة مستقلين فإنهن كن متمتعات و لم يحضن و لم يقرن , و ترجع هي بعمرة في ضمن حجتها , فأمر أخاها أن يعمرها من التنعيم تطييبا لقلبها , و لم يعتمر هو من التنعيم في تلك الحجة و لا أحد ممن كان معه " أهـ.
قلت: و قد يشكل على نفيه في آخر كلامه , ما في رواية للبخاري (3/ 483 - 484) من طريق أبي نعيم: حدثنا أفلح بن حميد عن القاسم عن عائشة , فذكر القصة - , و فيه: " فدعا عبد الرحمن فقال: اخرج بأختك الحرم فلتهل بعمرة , ثم افرغا من طوافكما ". لكن أخرجه مسلم (4/ 31 - 32) من طريق إسحاق بن سليمان عن أفلح به , إلا أنه لم يذكر: " ثم افرغا من طوافكما ".
و إنما قال: " ثم لتطف بالبيت ". فأخشى أن يكون تثنية الطواف خطأ من أبي نعيم , فقد وجدت له مخالفا آخر عند أبي داود (1/ 313 - 314) من رواية خالد - و هو الحذاء - عن أفلح به نحو رواية مسلم , فهذه التثنية شاذة في نقدي لمخالفة أبي نعيم و تفرده بها دون إسحاق بن سليمان و خالد الحذاء و هما ثقتان حجتان. ثم وجدت لهما متابعا آخر و هو أبو بكر الحنفي عند البخاري (3/ 328) و أبي داود.
و يؤيد ذلك أنها لم ترد لفظا و لا معنى في شيء من طرق الحديث عن عائشة , و ما أكثرها في " مسند أحمد " (6/ 43 و 78 و 113 و 122 و 124 و 163 و 165 و 177 و 191 و 219 و 233 و 245 و 266 و 273) و بعضها في " صحيح البخاري " (3/ 297 و 324 و 464 و 477 - 478 و 482 و 4/ 99 و 8/ 84) و مسلم (4/ 27 - 34) و كذا لم ترد في حديث جابر عند البخاري (3/ 478 - 480) و مسلم (4/ 35 - 36) و أحمد (3/ 309 و 366) و كذلك لم ترد في حديث الترجمة لا من الوجه المذكور أولا , و لا من الطريق الأخرى عند الشيخين و غيرهما.
نعم في رواية لأحمد (1/ 198) من طريق ابن أبي نجيح أن أباه حدثه أنه أخبره من سمع عبد الرحمن بن أبي بكر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فذكره نحوه.
إلا أنه قال: " فأهلا و أقبلا , و ذلك ليلة الصدر " , لكن الواسطة بين أبي نجيح و عبد الرحمن لم يسم , فهو مجهول , فزيادته منكرة , و إن سكت الحافظ في " الفتح " (3/ 479) على زيادته التي في آخره: " و ذلك ليلة الصدر " , و لعل ذلك لشواهدها. و الله أعلم.
و جملة القول أنه لا يوجد ما ينفي قول ابن القيم المتقدم أنه لم يعتمر بعد الحج أحد ممن كان مع النبي صلى الله عليه وسلم سوى عائشة , و لذلك لما نقل كلامه مختصرا الحافظ في " الفتح " لم يتعقبه إلا بقوله (3/ 478): " و بعد أن فعلته عائشة بأمره دل على مشروعيته "!
و من تأمل ما سقناه من الروايات الصحيحة , و ما فيها من بيان سبب أمره صلى الله عليه وسلم إياها بذلك تجلى له يقينا أنه ليس فيه تشريع عام لجميع الحجاج , و لو كان كما توهم الحافظ لبادر الصحابة إلى الإتيان بهذه العمرة في حجته صلى الله عليه وسلم و بعدها , فعدم تعبدهم بها , مع كراهة من نص على كراهتها من السلف كما تقدم لأكبر دليل على عدم شرعيتها. اللهم إلا من أصابها ما أصاب السيدة عائشة رضي الله عنها من المانع من إتمام عمرتها. و الله تعالى ولي التوفيق.
و إن مما ينبغي التنبه له أن قول ابن القيم المتقدم: " إنما كانت عمره كلها داخلا إلى مكة " , لا ينافيه اعتماره صلى الله عليه وسلم من (الجعرانة) , كما توهم البعض لأنها كانت مرجعه من الطائف , فنزلها , ثم قسم غنائم حنين بها , ثم اعتمر منها.
كتاب المرأة والنكاح وما يتعلق به و تربية الأولاد
جواز الطلاق دون تدخل القاضي
2007 - (كان طلق حفصة , ثم راجعها).
(فائدة): دل الحديث على جواز تطليق الرجل لزوجته و لو أنها كانت صوامة قوامة و لا يكون ذلك بطبيعة الحال إلا لعدم تمازجها و تطاوعها معه , و قد يكون هناك أمور داخلية لا يمكن لغيرها الاطلاع عليها , و لذلك , فإن ربط الطلاق بموافقة القاضي من أسوأ و أسخف ما يسمع به في هذا الزمان! الذي يلهج به كثير من حكامه و قضاته و خطبائه بحديث: " أبغض الحلال إلى الله الطلاق " و هو حديث ضعيف كما بينته في غير ما موضع مثل " إرواء الغليل " (رقم 2040).
لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله
2444 - (لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله).
¥