تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال في " فتح الباري " (12/ 384) بعد أن عزاه للحاكم: " و سنده جيد ". و لفظه عنده: " قال: قلت لابن عباس: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام. قال: صفه لي. قال: ذكرت الحسن بن علي فشبهته به , قال: قد رأيته ".

قلت: و لم أره في " مستدرك الحاكم " بهذا اللفظ. و الله أعلم. و له شاهد ثالث من حديث أنس مرفوعا بلفظ: " من رآني في المنام فقد رآني , فإن الشيطان لا يتخيل بي ".

أخرجه الترمذي في " الشمائل " (349) و الطبراني في " الأوسط " (1/ 218/2/ 3906) و إسناده صحيح على شرط الشيخين.

و قد أخرجه البخاري (6994) بلفظ: " .. لا يتمثل بي " , و المعنى واحد , قال المناوي في " شرح الشمائل ": " (لا يتخيل بي) أي لا يمكنه أن يظهر لأحد بصورتي , فمعنى (التخيل) يقرب من معنى التصور ".

و اعلم أن الحديث قد جاء في الصحيحين و غيرهما بألفاظ أخرى مثل: " لا يتزايا بي " و " لا يتراءى بي " و " يتكونني " , و كلها متساوية المعاني , كما بينه الحافظ في " الفتح " (12/ 386) و هو بالجملة حديث متواتر و قد خرجته في " الروض النضير " عن عشرة من الصحابة تحت الحديث (995) , و في الباب عن جمع آخر منهم خرج أحاديثهم الهيثمي في " المجمع " (7/ 181 - 182) و عن البراء بن عازب , و في حديثه فائدة مثل ما تقدم عن ابن عباس , و لذلك فمن المفيد أن أسوقه , لاسيما و هو في مصدر عزيز من كتب السنة , و هو " مسند الروياني " , أخرجه (21/ 2) من طريق يحيى بن أبي بكير: أخبرنا علي - و يكنى أبا إسحاق - عن عامر بن سعد البجلي قال: لما قتل الحسين بن علي رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام , فقال: إن رأيت البراء بن عازب فأقرئه السلام , و أخبره أن قتلة الحسين بن علي في النار , و إن كاد الله أن يسحق أهل الأرض منه بعذاب أليم. قال: فأتيت البراء فأخبرته , فقال: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من رآني في المنام فقد رآني , فإن الشيطان لا يتصور بي ".

و هكذا أخرجه الدولابي في " الكنى " (1/ 101) في ترجمة علي أبي إسحاق هذا , و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , و لا وجدت له ترجمة في شيء من كتب التراجم المعروفة , فالله أعلم به.

(فائدة): في هذه الأحاديث أنه من الممكن أن يرى الرائي النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته , و لو لم يكن معاصرا له , لكن بشرط أن يراه على صورته التي كان عليها صلى الله عليه وسلم في برهة من حياته , و إلى هذا ذهب جماعة من العلماء كما في " فتح الباري " (12/ 384) , و هو قول ابن عباس في رواية يزيد الفارسي و كليب والد عاصم , و كذا البراء كما تقدم , و علقه البخاري عن محمد بن سيرين إمام المعبرين , و قد وصله القاضي بسنده الصحيح عن أيوب قال: " كان ابن سيرين إذا قص عليه رجل أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم قال: صف لي الذي رأيته , فإن وصف له صفة لا يعرفها قال: لم تره ".

و به قال العلامة ابن رشد , فقال كما في " الاعتصام " للإمام الشاطبي (1/ 355): " و ليس معنى قوله صلى الله عليه وسلم: " من رآني فقد رآني حقا " أن كل من رأى في منامه أنه رآه , فقد رآه حقيقة , بدليل أن الرائي قد يراه مرات على صور مختلفة , و يراه الرائي على صفة , و غيره على صفة أخرى , و لا يجوز أن تختلف صور النبي صلى الله عليه وسلم , و لا صفاته , و إنما معنى الحديث: من رآني على صورتي التي خلقت عليها فقد رآني , إذ لا يتمثل الشيطان بي , إذ لم يقل صلى الله عليه وسلم: من رأى أنه رآني فقد رآني , و إنما قال: " من رآني فقد رآني " , و أنى لهذا الرائي الذي رأى أنه رآه على صورته الحقيقية أنه رآه عليها , و إن ظن أنه رآه ما لم يعلم أن تلك الصورة صورته بعينها , و هذا ما لا طريق لأحد إلى معرفته ".

قال الحافظ: " و منهم من ضيق الفرض في ذلك , فقال: لابد أن يراه على صورته التي قبض عليها , حتى يعتبر عدد الشعرات البيض التي لم تبلغ عشرين شعرة. والصواب التعميم في جميع حاله بشرط أن تكون صورته الحقيقة في وقت ما , سواء كان في شبابه أو رجولته أو كهولته , أو آخر عمره .. ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير