تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإذا عرفت هذا , فرواية الحاكم مفسرة للرواية الأولى , و بالجمع بينهما يكون المعنى أن السروج التي يركبونها تكون وطيئة لينة , و أنها (أعني السروج) هي كأشباه الرحال , أي من حيث سعتها.

و عليه فجملة " كأشباه الرحال " ليست في محل صفة لـ (رجال) كما شرحه البنا و غيره , و إنما هي صفة لـ (سروج). و ذلك يعني أن هذه السروج التي يركبها أولئك الرجال في آخر الزمان ليست سروجا حقيقية توضع على ظهور الخيل , و إنما هي أشباه الرحال. و أنت إذا تذكرت أن (الرحال) جمع رحل , و أن تفسيره كما في " المصباح المنير " و غيره: " كل شيء يعد للرحيل من وعاء للمتاع و مركب للبعير

" إذا علمت هذا يتبين لك بإذن الله أن النبي صلى الله عليه وسلم يشير بذلك إلى هذه المركوبة التي ابتكرت في هذا العصر, ألا و هي السيارات , فإنها وثيرة وطيئة لينة كأشباه الرحال , و يؤيد ذلك أنه صلى الله عليه وسلم سماها (بيوتا) في حديث آخر تقدم برقم (93) , لكن تبين فيما بعد أن فيه انقطاعا.

و إذا ففي الحديث معجزة علمية غيبية أخرى غير المتعلقة بالنساء الكاسيات العاريات , ألا و هي المتعلقة برجالهن الذين يركبون السيارات ينزلون على أبواب المساجد. و لعمر الله إنها لنبوءة صادقة نشاهدها كل يوم جمعة حينما تتجمع السيارات أمام المساجد حتى ليكاد الطريق على رحبه يضيق بها , ينزل منها رجال ليحضروا صلاة الجمعة , و جمهورهم لا يصلون الصلوات الخمس , أو على الأقل لا يصلونها في المساجد , فكأنهم قنعوا من الصلوات بصلاة الجمعة , و لذلك يتكاثرون يوم الجمعة و ينزلون بسياراتهم أمام المساجد فلا تظهر ثمرة الصلاة عليهم , و في معاملتهم لأزواجهم و بناتهم , فهم بحق " نساؤهم كاسيات عاريات "!

و ثمة ظاهرة أخرى ينطبق عليها الحديث تمام الانطباق , ألا و هي التي نراها في تشييع الجنائز على السيارات في الآونة الأخيرة من هذا العصر. يركبها أقوام لا خلاق لهم من الموسرين المترفين التاركين للصلاة , حتى إذا وقفت السيارة التي تحمل الجنازة و أدخلت المسجد للصلاة عليها , مكث أولئك المترفون أمام المسجد في سياراتهم , و قد ينزل عنها بعضهم ينتظرون الجنازة ليتابعوا تشييعها إلى قبرها نفاقا اجتماعيا و مداهنة , و ليس تعبدا و تذكرا للآخرة , و الله المستعان.

هذا هو الوجه في تأويل هذا الحديث عندي , فإن أصبت فمن الله , و إن أخطأت فمن نفسي , و الله تعالى هو المسؤول أن يغفر لي خطئي و عمدي , و كل ذلك عندي.

من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم

2812 - (من اقتراب (و في رواية: أشراط) الساعة أن ترفع الأشرار و توضع الأخيار و يفتح القول و يخزن العمل و يقرأ بالقوم المثناة , ليس فيهم أحد ينكرها. قيل: و ما المثناة ? قال: ما استكتب سوى كتاب الله عز وجل).

ملاحظة: استكتب: الأصل: " اكتتب " , و التصويب من " النهاية " لابن الأثير و غيره. اهـ

(فائدة):

هذا الحديث من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم , فقد تحقق كل ما فيه من الأنباء , و بخاصة منها ما يتعلق بـ (المثناة) و هي كل ما كتب سوى كتاب الله كما فسره الراوي , و ما يتعلق به من الأحاديث النبوية و الآثار السلفية , فكأن المقصود بـ (المثناة) الكتب المذهبية المفروضة على المقلدين. التي صرفتهم مع تطاول الزمن عن كتاب الله , و سنة رسوله صلى الله عليه وسلم كما هو مشاهد اليوم مع الأسف من جماهير المتمذهبين , و فيهم كثير من الدكاترة و المتخرجين من كليات الشريعة , فإنهم جميعا يتدينون بالتمذهب , و يوجبونه على الناس حتى العلماء منهم , فهذا كبيرهم أبو الحسن الكرخي الحنفي يقول كلمته المشهورة: " كل آية تخالف ما عليه أصحابنا فهي مؤولة أو منسوخة , و كل حديث كذلك فهو مؤول أو منسوخ ". فقد جعلوا المذهب أصلا , و القرآن الكريم تبعا , فذلك هو (المثناة)

دون ما شك أو ريب. و أما ما جاء في " النهاية " عقب الحديث و فيه تفسير (المثناة): " و قيل: إن المثناة هي أخبار بني إسرائيل بعد موسى عليه السلام وضعوا كتابا فيما بينهم على ما أرادوا من غير كتاب الله , فهو (المثناة) , فكأن ابن عمرو كره الأخذ عن أهل الكتاب , و قد كان عنده كتب وقعت إليه يوم اليرموك منهم. فقال هذا لمعرفته بما فيها ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير