2501 - (إياكم و الجلوس في الصعدات (و في رواية: الطرق) فإن كنتم لابد فاعلين , فأعطوا الطريق حقه. قيل: و ما حقه؟ قال: غض البصر و رد السلام و إرشاد الضال).
و اعلم أن في هذه الأحاديث مجموعة طيبة من الآداب الإسلامية الهامة بأدب الجلوس في الطرق و أفنية الدور , ينبغي على المسلمين الاهتمام بها , و لاسيما ما كان منها من الواجبات مثل غض البصر عن النساء المأمور به في كثير من الأحاديث الأخرى , و في قول ربنا تبارك و تعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم و يحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون) النور30.
فإذا كان هذا الأمر الإلهي قد وجه مباشرة إلى ذاك الجيل الأول الأطهر الأنور و لم يكن يومئذ ما يمكن أن يرى من النساء إلا الوجه و الكفان و من بعضهن , كما تواترت الأحاديث بذلك كحديث الخثعمية , و حديث بنت هبيرة و غيرهما مما هو مذكور في "جلباب المرأة" و "آداب الزفاف". أقول: إذا لم يكن إلا هذا مما يمكن أن يرى من النساء يومئذ , فإن مما لا شك فيه أنه يتأكد الأمر بغض النظر في هذا الزمن الذي وجدت فيه "النساء الكاسيات العاريات" اللاتي قال فيهن النبي صلى الله عليه وسلم: "صنفان من أهل النار لم أرهما بعد .. " الحديث , و فيه: "و نساء كاسيات عاريات , مميلات مائلات , رؤوسهن كأسنمة البخت , لا يدخلن الجنة .. " الحديث. و قد مضى بتمامه مع تخريجه برقم (1326). فالواجب على كل مسلم - و بخاصة الشباب منهم - أن يغضوا من أبصارهم , و عن النظر إلى الصور الخليعة المهيجة لنفوسهم , و المحركة لكامن شهواتهم , و أن يبادروا إلى الزواج المبكر إحصانا لها , فإن لم يستطيعوا , فعليهم بالصوم فإنه وجاء كما قال عليه الصلاة والسلام , و هو حديث صحيح مخرج في "الإرواء" (1781) , و لا يركنوا إلى الإستمناء (العادة السرية) مكان الصيام , فيكونوا كالذين قال الله فيهم من المغضوب عليهم (أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير)؟! (البقرة61). أسأل الله تعالى أن يستعملنا و المسلمين في طاعته , و أن يصرفنا عما لا يرضيه من معصيته , إنه سميع مجيب.
من الآداب المهجورة في الانتعال
2570 - (إذا لبست نعليك فابدأ باليمنى و إذا خلعت فابدأ باليسرى و ليكن اليمنى أول ما تنتعل , و اليسرى آخر ما تحفى , و لا تمش في نعل واحد , اخلعهما جميعا أو البسهما جميعا)
و اعلم أن ما في هذا الحديث من الأدب في الانتعال , و التفريق بين البدء به والخلع , هو مما غفل عنه أكثر المسلمين في هذا الزمان لغلبة الجهل بالسنة , و فقدان المربين للناس عليها , و فيهم بعض من يزعم أنه من الدعاة إلى الإسلام , بل و فيهم من يقول في هذا الأدب: إنه من القشور , و توافه الأمور! فلا تغتر بهم أيها المسلم , فإنهم - والله - بالإسلام جاهلون , و له معادون من حيث يشعرون أو لا يشعرون , و قديما قيل: من جهل شيئا عاداه. و من عجيب أمرهم أنهم يطنطنون في خطبهم و محاضراتهم بوجوب تبني الإسلام كلا لا يتجزأ , فإذا بهم أول من يكفر بما إليه يدعون , و إن ذلك لبين في أعمالهم و أزيائهم , فتراهم أو ترى الأكثرين منهم لا يهتمون بالتزيي بزي نبيهم صلى الله عليه وسلم , و إنما بالتشبه بحسن البنا و أمثاله: لحية قصيرة , وكرافيت (عقدة العنق) , و بعضهم تكاد لحيتهم تكون على مذهب العوام في بعض البلاد: "خير الذقون إشارة تكون"! مع تزييه بلباس أهل العلم , العمامة و الجبة , و قد تكون كالخرج , و طويلة الذيل كلباس النساء! فإنا لله و إنا إليه راجعون.
قصة عمير مولى ابي اللحم رضي الله عنه وما فيها من الفقه
2580 - (أقبلت مع سادتي نريد الهجرة , حتى دنونا من المدينة , قال: فدخلوا المدينة وخلفوني في ظهرهم , قال: فأصابني مجاعة شديدة , قال: فمر بي بعض من يخرج من المدينة فقالوا لي: لو دخلت المدينة فأصبت من ثمر حوائطها , فدخلت حائطا فقطعت منه قنوين , فأتاني صاحب الحائط , فأتى بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم و أخبره خبري , و علي ثوبان , فقال لي: " أيهما أفضل ? " , فأشرت له إلى أحدهما , فقال: " خذه " , و أعطى صاحب الحائط الآخر و خلى سبيلي).
¥