تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

من فقه الحديث: فيه دليل على جواز الأكل من مال الغير بغير إذنه عند الضرورة , مع وجوب البدل. أفاده البيهقي. قال الشوكاني (8/ 128): " فيه دليل على تغريم السارق قيمة ما أخذه مما لا يجب فيه الحد , و على أن الحاجة لا تبيح الإقدام على مال الغير مع وجود ما يمكن الانتفاع به أو بقيمته , و لو كان مما تدعو حاجة الإنسان إليه , فإنه هنا أخذ أحد ثوبيه و دفعه إلى صاحب النخل ". و من هنا يتبين خطأ الشيخ تقي الدين النبهاني في كتابه " النظام الاقتصادي في الإسلام " , فإنه أباح فيه (ص20 - 21) للفرد إذا تعذر عليه العمل و لم تقم الجماعة الإسلامية بأوده " أن يأخذ ما يقيم به أوده من أي مكان يجده , سواء كان ملك الأفراد أو ملك الدولة , و يكون ملكا حلالا له , و يجوز أن يحصل عليه بالقوة , و إذا أخذ الجائع طعاما يأكله أصبح هذا الطعام ملكا له "! و وجه الخطأ واضح جدا , و ذلك من عدة نواح , أهمها معارضته للحديث , فإنه لم يملك الجائع ما أخذه من الطعام ما دام يجد بدله. و منها أن المحتاج له طرق مشروعة لابد له من سلوكها كالاستقراض دون فائدة , و سؤال الناس ما يغنيه شرعا , و نحو ذلك من الوسائل الممكنة. فما بال الشيخ - عفا الله عنه - صرف النظر عنها , و أباح للفرد أخذ المال بالقوة دون أن يشترط عليه سلوك هذه الطرق المشروعة ?! و لست أشك أنه لو انتشر بين الناس رأي الشيخ هذا لأدى إلى مفاسد لا يعلم عواقبها إلا الله تعالى.

من السنة المصافحة عند التلاقي والمعانقة بعد العودة من السفر

2647 - (كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا تلاقوا تصافحوا , و إذا قدموا من سفر تعانقوا).

فقه الحديث: يؤخذ من هذا الحديث فائدتان: الأولى: المصافحة عند التلاقي. و الأخرى: المعانقة بعد العودة من السفر. و لكل منهما شواهد عن النبي صلى الله عليه وسلم. أما الأولى , ففيها أحاديث كثيرة معروفة من فعله صلى الله عليه وسلم و قوله , و قد مضى بعضها في هذه " السلسلة " برقم (160 و 529 و 530 و 2004 و 2485). و انظر " الترغيب " (3/ 270 - 271) و " الآداب الشرعية "

لابن مفلح (2/ 277).

و أما الأخرى , ففيه حديث جابر رضي الله عنه قال: " لما قدم جعفر من الحبشة عانقه النبي صلى الله عليه وسلم ". و هو حديث صحيح كما سيأتي بيانه إن شاء الله في هذا المجلد برقم (2657).

قلت: و في ذلك من الفقه تفريق الصحابة بين الحضر و السفر في أدب التلاقي , ففي الحالة الأولى: المصافحة , و في الحالة الأخرى: المعانقة. و لهذا كنت أتحرج من المعانقة في الحضر , و بخاصة أنني كنت خرجت في المجلد الأول من هذه " السلسلة " (رقم 160) حديث نهيه صلى الله عليه وسلم عن الانحناء و الالتزام و التقبيل. ثم لما جهزت المجلد لإعادة طبعه , و أعدت النظر في الحديث , تبين لي أن جملة " الالتزام " ليس لها ذكر في المتابعات أو الشواهد التي بها كنت قويت الحديث , فحذفتها منه كما سيرى في الطبعة الجديدة من المجلد إن شاء الله , و قد صدر حديثا و الحمد لله.

فلما تبين لي ضعفها زال الحرج و الحمد لله , و بخاصة حين رأيت التزام ابن التيهان الأنصاري للنبي صلى الله عليه وسلم في حديث خروجه صلى الله عليه وسلم إلى منزله رضي الله عنه الثابت في " الشمائل المحمدية " (رقم 113 ص 79 - مختصر الشمائل) و لكن هذا إنما يدل على الجواز أحيانا , و ليس على الالتزام و المداومة كما لو كان سنة , كما هو الحال في المصافحة فتنبه.

و قد رأيت للإمام البغوي رحمه الله كلاما جيدا في التفريق المذكور و غيره , فرأيت من تمام الفائدة أن أذكره هنا , قال رحمه الله في " شرح السنة " (12/ 293) بعد أن ذكر حديث جعفر و غيره مما ظاهره الاختلاف:

" فأما المكروه من المعانقة و التقبيل , فما كان على وجه الملق و التعظيم , و في الحضر , فأما المأذون فيه فعند التوديع و عند القدوم من السفر , و طول العهد بالصاحب و شدة الحب في الله. و من قبل فلا يقبل الفم , و لكن اليد و الرأس و الجبهة.

و إنما كره ذلك في الحضر فيما يرى لأنه يكثر و لا يستوجبه كل أحد , فإن فعله الرجل ببعض الناس دون بعض وجد عليه الذين تركهم , و ظنوا أنه قصر بحقوقهم , و آثر عليهم , و تمام التحية المصافحة ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير