الثانية: يرويه معتمر بن سليمان قال: سمعت عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي يحدث عن عمه عمرو بن أويس عن عثمان بن أبي العاص قال: استعملني رسول الله صلى الله عليه وسلم و أنا أصغر الستة الذين وفدوا عليه من ثقيف , و ذلك أني كنت قرأت سورة * (البقرة) * , فقلت: يا رسول الله! إن القرآن ينفلت مني , فوضع يده على صدري و قال: " يا شيطان! اخرج من صدر عثمان ". فما نسيت شيئا أريد حفظه.
الثالثة: يرويه الحسن عنه , قال: شكوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم سوء حفظي للقرآن , فقال: " ذاك شيطان يقال له: (خنزب) , ادن مني يا عثمان! ". ثم وضع يده على صدري , فوجدت بردها بين كتفي , ثم قال: (فذكره).
فما سمعت بعد ذلك شيئا إلا حفظته.
الرابعة: يرويه عيينة بن عبد الرحمن: حدثني أبي عن عثمان بن أبي العاص قال: لما استعملني رسول الله صلى الله عليه وسلم على الطائف , جعل يعرض لي شيء في صلاتي , حتى ما أدري ما أصلي! فلما رأيت ذلك رحلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال: " ابن العاص ? ". قلت: نعم يا رسول الله! قال: " ما جاء بك ? ". قلت: يا رسول الله! عرض لي شيء في صلاتي حتى ما أدري ما أصلي! قال: " ذاك الشيطان , ادنه ". فدنوت منه , فجلست على صدور قدمي , قال: فضرب صدري بيده , و تفل في فمي و قال: " اخرج عدو الله! ". ففعل ذلك ثلاث مرات , ثم قال: " الحق بعملك ".
و في الحديث دلالة صريحة على أن الشيطان قد يتلبس الإنسان و يدخل فيه و لو كان مؤمنا صالحا , و في ذلك أحاديث كثيرة , و قد كنت خرجت أحدها فيما تقدم برقم (485) من حديث يعلى بن مرة قال: " سافرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيت منه شيئا عجبا .. " و فيه: " و أتته امرأة فقالت: إن ابني هذا به لمم منذ سبع سنين , يأخذه كل يوم مرتين , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أدنيه " , فأدنته منه , فتفل في فيه , و قال: اخرج عدو الله! أنا رسول الله ".
ثم وقفت على كتاب عجيب من غرائب ما طبع في العصر الحاضر بعنوان (طليعة " استحالة دخول الجان بدن الإنسان ")! لمؤلفه (أبو عبد الرحمن إيهاب بن حسين الأثري) - كذا الأثري موضة العصر! - و هذا العنوان وحده يغني القارئ اللبيب عن الاطلاع على ما في الكتاب من الجهل و الضلال , و الانحراف عن الكتاب و السنة , باسم الكتاب و السنة و وجوب الرجوع إليهما , فقد عقد فصلا في ذلك , و
فصلا آخر في البدعة و ذمها و أنها على عمومها , بحيث يظن من لم يتتبع كلامه و ما ينقله عن العلماء في تأييد ما ذهب إليه من الاستحالة أنه سلفي أو أثري - كما انتسب - مائة في المائة! و الواقع الذي يشهد به كتابه أنه خلفي معتزلي من أهل الأهواء , يضاف إلى ذلك أنه جاهل بالسنة و الأحاديث , إلى ضعف شديد باللغة العربية و آدابها , حتى كأنه شبه عامي , و مع ذلك فهو مغرور بعلمه , معجب بنفسه , لا يقيم وزنا لأئمة السلف الذين قالوا بخلاف عنوانه كالإمام أحمد و ابن تيمية و ابن القيم , و الطبري و ابن كثير و القرطبي , و الإمام الشوكاني و صديق حسن خان القنوجي , و يرميهم بالتقليد! على قاعدة (رمتني بدائها و انسلت) , الأمر الذي أكد لي أننا في زمان تجلت فيه بعض أشراط الساعة التي منها قوله صلى الله عليه وسلم: " و ينطق فيها الرويبضة. قيل: و ما الرويبضة ? قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة ".
و نحوه قول عمر رضي الله عنه: " فساد الدين إذا جاء العلم من الصغير , استعصى عليه الكبير , و صلاح الناس إذا جاء العلم من قبل الكبير , تابعه عليه الصغير ".
و ما أكثر هؤلاء (الصغار) الذين يتكلمون في أمر المسلمين بجهل بالغ , و ما العهد عنا ببعيد ذاك المصري الآخر الذي ألف في تحريم النقاب على المسلمة! و ثالث أردني ألف في تضعيف قوله صلى الله عليه وسلم: " عليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين " , و في حديث تحريم المعازف , المجمع على صحتهما عند المحدثين , و غيرهم و غيرهم كثير و كثير!!
¥