تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2ـ ومن جملة الأسباب التي يتسبب عنها ترك الإنصاف ويصدر عنها البعد عن الحق وكتم الحجة وعدم ما أوجبه الله من البيان: حب الشرف والمال اللذين هما أعدى على الإنسان ذئبين ضاريين، كما وصف ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن هذا هو السبب الذي حرَّف به أهل الكتاب كتب الله المنزلة على رُسله، وكتموا ما جاءهم فيها من البينات والهدى كما وقع من أحبار اليهود .......

3ـومنها ما يقع بين أهل العلم من الجدال والمراء، فإن الرجل قد يكون له بصيرة وحسن إدراك ومعرفة بالحق ورغوب إليه فيخطئ في المناظرة ويحمله الهوى ومحبة الغلب وطلب الظهور على التصميم على مقاله، وتصحيح خطئه، وتقويم معوجه بالجدال والمراء. وهذه الذريعة الإبليسية والدسيسة الشيطانية قد وقع بها من وقع في مهاوٍ من التعصبات ومزالق من التعسفات عظيمة الخطر مخوفة العاقبة. وقد شاهدنا من هذا الجنس ما يقضي منه العجب ...... !!!

قلت: وشاهدنا نحن أيضاً من هذا الجنس ما يقضي منه العجب!!!

4ـ ومن الأسباب المقتضية للتعصب: أن يكون بعض سلف المشتغل بالعلم قد قال بقول ومال إلى رأي، فيأتي هذا الذي جاء بعده فيحمله حب القرابة على الذهاب إلى ذلك المذهب والقول بذلك القول، وإن كان يعلم أنه خطأ، وأقل الأحوال إذا لم يذهب إليه أن يقول فيه أنه صحيح ويتطلب له الحجج ويبحث عما يقوّيه وإن كان بمكان من الضعف ومحل من السقوط، وليس له في هذا حظ ولا معه فائدة، إلاّ بمجرد المباهاة لمن يعرفه والتزيّن لأصحابه بأنه في العلم معرق وإن بيته قديم فيه .........

5 - ومن آفات التعصب الماحقة لبركة العلم أن يكون طالب العلم قد قال بقول في مسألة كما يصدر ممن يفتي أو يصنف

أو يناظر غيره ويشتهر ذلك القول عنه فإنه قد يصعب عليه الرجوع عنه إلى ما يخالفه وإن علم أنه الحق وتبين له فساد ما قاله ..........

6 - ومن الآفات المانعة عن الرجوع إلى الحق أن يكون المتكلم بالحق حدث السن بالنسبة إلى من يناظره أو قليل العلم أو الشهرة في الناس، والآخر بعكس ذلك فإنه قد تحمله حمية الجاهلية والعصبية الشيطانية على التمسك بالباطل أنفةً منه

عن الرجوع إلى قول من هو أصغر منه سناً أو أقل منه علماً أو أخفى شهرة ظنّاً منه أن في ذلك عليه ما يحط منه وينقض

ما هو فيه ...........

7 - ومن أسباب الوقوع في غير الإنصاف والتمسك بذيل من الاعتساف. أن يأخذ طالب الحق أدلة المسائل من مجاميع الفقه التي يعتزي مؤلفها إلى مذهب من المذاهب. فإن من كان كذلك يُبالغ في إيراد أدلة مذهبه ويُطيل ذيل الكلام عليها ويصرح تارة بأنها أدلة. وتارة بأنها حجج. وتارة بأنها صحيحة. ثم يطفف لخصمه المخالف فيورد أدلته بصيغة التمريض. ويعنونها بلفظ الشبه ........

8 - ومن الأسباب المانعة من الإنصاف ما يقع من المنافسة بين المتقاربين في الفضائل أو في الرئاسة الدينية أو الدنيوية، فإنه إذا نفخ الشيطان في أنفهما وترقت المنافسة بلغت إلى حد يحمل كل واحد منهما على أن يرد ما جاء به الآخر إذا تمكن من ذلك وإن كان صحيحاً جارياً على منهج الصواب. وقد رأينا وسمعنا من هذا القبيل عجائب صنع فيها جماعة من أهل العلم صنيع أهل الطاغوت. وردوا ما جاء به بعضهم من الحق وقابلوه بالجدال الباطل والمراء القاتل ..... !!!

قلت: وقد رأينا وسمعنا نحن أيضاً من هذا القبيل عجائب وغرائب ..... !!!

قال الإمام الذهبي رحمه الله: استفق، ويحك، وسل ربك العافية، فكلام الأقران بعضهم في بعض أمر عجيب، وقع فيه سادة، فرحم الله الجميع.

# العلم رحم بين أهله.

ذكر ابن عبد البر ـ رحمه الله ـ في (جامع العلم 2/ 1093) بسنده عن عبد العزيز بن أبي حازم قال:

سمعت أبي يقول:

العلماء كانوا فيما مضى من الزمان إذا لقي العالم من هو فوقه في العلم كان ذلك يوم غنيمة، وإذا لقي من هو مثله ذاكره، وإذا لقي من هو دونه لم يَزْهُ عليه حتى كان هذا الزمان فصار الرجل يعيب من هو فوقه ابتغاء أن ينقطع منه حتى يرى الناس أنه ليس به حاجة إليه، ولا يذاكر من هو مثله، ويزهى على من هو دونه فهلك الناس.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير