تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أيقولون للناس الآن ماذا يريدون أن يفعلوا بقضية المرأة فى المستقبل فيحجم الآباء عن إرسال فتياتهم إلى الجامعة، بل تحجم الفتيات أنفسهن بالبقية الباقية فيهن من الدين والأخلاق والتقاليد .. والحياء! الحياء الأنثوى الفطرى الذى خلقه الله، والذى يخطط لإفساده شعب الله المختار!

كلا! إنما يترك ذلك للتخطيط البطئ .. بطئ ولكنه أكيد المفعول!

قال المدافعون: إن الفتاة ستثبت جدارتها فى التعليم الجامعى كما أثبتت جدارتها من قبل فى التعليم الثانوى. وكنتم أيها الرجعيون المتزمتون تشككون فى قدرتها على تلقى علوم الأولاد فى المرحلة الثانوية ونجاحها فيها فهزمكم الواقع وأسقط حجتكم وألجم أفواهكم! وسيتبين لكم غدا أنكم كنتم واهمين بالنسبة للتعليم الجامعى كما كنتم واهمين من قبل بالنسبة للتعليم الثانوى .. فقط اتركوا لها الفرصة لتثبت مقدرتها! كيف تحكمون على شئ لم تجربوه بعد؟!

وقالوا: إن الرجل يخشى المنافسة! يخشى على مكانته " التقليدية " أن تنافسيه فيها المرأة فيفقد هذه المكانة! إنها عقدة النقص! لو كان الرجل واثقا من نفسه ما خشى المنافسة! إنه يلجأ إلى " التقاليد " ليحمى امتيازاته! تلك التقاليد البالية المتعفنة التى ينبغى أن تزول! التقاليد التى تحتقر المرأة وتمتهنها وتجعلها مستعبدة للرجل! لا عبودية بعد اليوم!

وقالوا: إن الدراسة الجامعية لا تمنع المرأة عن وظيفتها .. فما الذى يمنعها أن تتزوج؟ فقط تؤجل الزواج بضع سنوات! ومن أرادت أن تتزوج وتترك الدراسة الجامعية فمن يمنعها!

وقالوا: إن الدراسة الجامعية – على العكس – توسع مداركها وتوسع آفاقها فتعينها على أداء وظيفتها! أتريدون أن تكون أمهات أطفالكم جاهلات؟ أو ليس الخبير لكم أن تكون الأم متعلمة فتحسن تربية أولادها؟!

وقالوا: إن الفتاة يمكن أن تختار من الدراسات الجامعية ما يناسب طبيعتها " الرقيقة اللطيفة " فتدرس الأدب فى كلية الآداب .. أليست الفتاة رقيقة المشاعر رقيقة المزاج؟ أو ليس الشعر والأدب يرقق المشاعر ويوسع الخيال؟! فأى ما نع لديكم؟! وتدرس الطب لتطبب النساء .. أى مانع لديكم؟! وتتخرج مدرسة لتعليم البنات .. أى مانع لديكم؟!

ولكن بقيت – مع كل ذلك – عقبة غيير ذلول ..

التعليم الجامعى معناه الاختلاط .. اختلاط الفتيات بالشبان فى الجامعة .. ودون ذلك يحول الدين والأخلاق والتقاليد .. (ولم يفكر أحد – من طرفى الجاهلية: المؤيدين والمعارضين – فى عمل جامعات نسوية خاصة بالفتيات!).

وكانت تلك العقبة هى البندقة الصعبة الكسر كما يقولون فى أمثالهم .. فقد تشبث المعارضون بالتعلق بالدين والأخلاق والتقاليد فى وجه قضية الاختلاط، واحتال المدافعون لتزيين الاختلاط فى بادئ الأمر، ثم لجأوا فى النهاية إلى الكف عن وجوههم جهرة، ومهاجمة الدين والأخلاق والتقاليد مهاجمة صريحة حين أصبح ذلك – بالدق المستمر – أمرا فى حيز الإمكان.

قالوا: لا تخافوا! لن يحدث شئ على الإطلاق!

إنها لا تختلط به فى رقص ولا لهو! إنها تختلط به اختلاطا " برئا " فى جو علمى خالص، تنحت إشراف الأستاذ وسمعه وبصره .. الأستاذ هو الوالد والمربى والموجه لكلا السباب والفتاة فى قاعة الدرس، وتحت إشرافه التربوى التوجيههى يجلس الفتى والفتاة ساعة من الوقت يتلقون العلم ويتناقشون فى قضايا علمية وإنسانية واجتماعية وفكرية .. فأى جو أطهر نم هذا الجو ,اقدر على رفع المشاعر وتهذيب الأخلاق؟! من ذا الذى يخطر له – فى هذا الجو -أن يسئ الدب أو يسئ إلى الأخلاق أو تخطر فى باله خاطرة من خواطر الفساد؟!

بل إن الاختلاط ذاته أداة للتهذيب!

ألا ترون إلى الشبان فى مجتمعاتهم كيف تجرى بينهم ألفاظ الخشنة والألفاظ الخارجة .. أيجرؤ أحدهم – فى حضرة الفتيات – أن يلفظ بلفظ خارج؟

بل إن الاختلاط أداة لنفى خواطر الجنس!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير