تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ألا ترون أن صورة المرأة فى حس الرجل – لأنها بعيدة عنه – هى صورة الجنس؟ وأن صورة الرجل فى حس المرأة – لأنها بعيدة عنه – هى صورة الجنس ظ .. فإذا التقيا فى هذا الجو الطاهر البرئ .. جو العلم والقضايا الفكرية والإنسانية والاجتماعية، كف الرجل عن النظر إلى المرأة على أنها " أنثى " وفكر فيها على أنها " امرأة " .. أنها إنسانة .. أنها شريكة فى أمور الحياة .. وكفت المرأة كذلك عن التفكير فى الرجل على أساس الجنس والعلاقات الجنسية، ورأت فيه الزميل والشريك والإنسان ..

أى تهذيب للجنس أشد من ذلك التهذيب؟!

وابتلع " الأمميون " الكأس المسمومة .. وشربوها حتى الثمالة!

ولا شك أن الأمميين ما كانوا ليدركوا أبعاد اللعبة بكاملها .. وإلا فإن البقية الباقية من الدين والأخلاق التقاليد كانت قمينة أن تردهم عن الخوض فى المستنقع الآسن لو رأوه على حقيقته منذ أول خطوة، مع كل المعركة القائمة ضد الكنيسة، ومع كل الوهن الذى أصاب الدين فى نفوسهم، فإن الفكرة ذاتها لتنفر من المستنقع الآسن حين تكون فيها بقية من باقيا السلامة أيا كان مقدارها .. ولكنها لا تعود تنفر منه، بل تستعذب البقاء فيه إذا غرقت فيه بالفعل وفقدت كل سلامتها ولم يبق لها منها شئ، وتصبح كدودة الأرض التى تعيش فى الطين العفن، إذا أمسكت بها لتخرجها أفلتت منك وزادت لصوقا الطين!

وكلك سار الشياطين بالأمميين، يجرونهم خطوة خطوة حتى أغرقوهم فى المستنقع الآسن وجلعوهم يستعذبون البقاء فيه!

احتدمت المعركة كثيرا بالنسبة لدخول الفتيات فى الجامعة .. ولكن النهاية كانت كما كان متوقعا منس ير الأحداث.

دخلت فتيات قليلات فى مبدأ الأمر إلى الجامعات معظمهن فى كليات الآداب .. وكن بلا شك هن أجرأ الفتيات فى ذلك الحين.

وسارت الأمور سيرا " طبيعيا " فترة من الوقت، فما كان من الممكن تحطيم التقاليد دفعة واحدة، وما كان المخططون أنفسهم يرغبون فى العجلة – مع لهفتهم الأكيدة فى الوصول إلى النتيجة – فقد كانوا يعلمون أن العجلة تفسد اللعبة بأكملها، وتثير التوجس، وتصدق ظنون المتشككين، وتؤيد دعاوى " المتزمتين " الذين قالوا من أول لحظة إن دخول الفتاة الجامعة نذير شر عظيم يحل بالمجتمع.

وكل للفتيات حجرة خاصة من أجل راحتهن وزينتهن وخلوتهن .. وكن يهرعن إليها فيما بين المحاضرات لكى لا ينفردون بالطلاب فى غيبة الأستاذ، الذى يتم فى حضوره " الاختلاط البرئ ".

ولكن الأمور لم تظل على هذه الصورة، وليس من شأنها أن تظل .. وكان المخططون يعلمون أنها لن تظل!

رويدا رويدا بدأت " أجرأ " الفتيات تتلكأ فلا تذهب إلى حجرتها فيما بين المحاضرات .. وبدأ أجرأ الفتيان يلقى إليها بتحية .. ثم حديث .. وجاءت ثانية وثالثة .. وصار من المعتاد أن يبقى الفتيات فى الحجرة لا يغادرنها بين الدرس والدرس .. وصار من المعتاد أن تجرى التحية ويجرى الحديث ..

وكان حديثا " بريئا " دون شك! فمنذا الذى يملك أن يتحدث فى ذلك الحين حديثا غير برئ؟ وأى فتاة مهما يكن من " جرأتها " تستطيع – فى ذلك الوقت – أن تتلقى حديثا غير برئ وتتقبله أمام الآخرين؟!

بقية من الحياء، إن لم يكن هناك دين ولا أخلاق ولا تقاليد!

وهذه البقية من الحياء هى التى عمل الشياطين على قتلها والقضاء عليها، فما تصلح الخطة كلها إن بقى عند الفتاة شئ من هذا الحياء الفطرى الذى خلقه الله فى الفطرة السليمة سياجا يحمى الفتاة من السقوط والتبذل، وميز به أنثى الإنسان عن إناث الحيوان " "، كما جعل لعفة علامة حسية فى جسدها ميزها بها عن إناث الحيوان، فجعل أخلاق الجنس جزءا لا من التكوين النفسى وحده، ولكن من التكوين البيولوجى والفسيولوجى كذلك لأنثى الإنسان.

ولكن الجاهلية المعاصرة التى يقودها اليهود ويقودون الناس إليها تأبى هذا التميز الفطرى عن الحيوان، وساء فى قضية العفة أو فى قضية الحياء .. لأن شعب الله المختار لا يريد أن يبقى على شئ من آدمية الآدميين، لأنهم حينئذ سيرفضون أن يركبهم الشعب المختار ويسخرهم لمصالحه .. سيرفضون أن يكونوا الحمير التى تركبها الشياطين.

لذلك جردوا حملاتهم على الفتاة لتتلخص مما بقى من حيائها، وتصبح قليلة الحياء!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير