تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والجامعة هى المكان الرئيسى لتخريج الكثير من أفراد هذه الطبقة، أو البارزين منهم على أقل تقدير. لذلك كانا لتركيز على أن يبدأ الفساد من هناك .. ومن هناك ينتشر فى جميع الأرجاء.

? ? ?

كان الاختلاط " البرئ " ما يزال يجرى داخل أسوار الجامعة، ولكنه كان يحمل فى أطوائه الجرثومة التى تقضى فى النهاية على براءته، فقد بدأت " العلاقات الخاصة " تنمو بين أزواج من الفتيان والفتيات كما لابد أن يكون .. وبدأت هذه العلاقة الخاصة تضيق بالانحصار داخل الأسوار، التى تفرض البراءة المصطنعة على وضع هو بطبيعته غير برئ.

وكان لابد أن " يتفجر " الوضع ويخرج إلى الطريق ..

وأخذ المجتمع يتعود أن يرى أزواجا من البنين والبنات يخرجون من بناء الجامعة مصطحبين، فى أدب ظاهر أول الأمر، ثم يخف الأدب ويقل الحياء بالتدريج .. وأيا كان رأى ذلك المجتمع فى هذه البدعة الجدية فإنه سرعان ما تبلد حسه عليها فلم تعد تثير انتباهه، إلا أن يرى حركة مستهجنة (أى كانت فى ذلك الوقت مستهجنة) كضحكة أو لفتة أو نظرة أو لمسة مما كان – يومئذ – أمرا غير لائق فى الطريق! ولكنه عاد فتبلد حسه حتى على الحركات التى كان يستهجنها منق بل، وعزاها – ببساطة – إلى أن هذا الجيل الجديد جيل فاسد لا يرجى منه خير، وألقى القضية من حسه، وتركها لتصبح أمرا واقعا فى المجتمع " الجديد "!

وملأت " الصدقات " المجتمع .. الصداقات بين الفتيان والفتيات صداقات بريئة – هل فى ذلك شك؟!

زميل وزميلة .. أحس كل منهما بالميل إلى الآخر والراحة إليه ..

ويلكم أيها المتزمتون! أليس لكم هم إلا الاعتراض على الأمور التى لا تستوجب الاعتراض؟! ألا تريدون أن يبنى البيت السعيد على المودة والحب؟ هذا فتى وفتاة سيجمع بينهما الزواج السعيد عما قريب! أليس من الأفضل أن يتعارفا لتدوم المودة؟ أم تريدون أن يؤتى له بفتاة لم يرها قط إلا ليلة الزفاف، رأتها أمه أو أخته، فأعجبتها، أما هو فلا يعرف شيئا عن شكلها ولا طبعها ولا ثقافتها ولا نظرتها للأمور؟!

وهى؟ أليس من حقها أن تعرف شريك حياتها وتشارك فى اختياره؟ أليس من الظلم أن تباع بيعا إلى رجل لا تعرفه قبل اللحظة، لأنه أعجب أباها أة أخاها، أو كان صاحب مال وجاه، وقد يكون فظا قاسيا لا قلب له؟ أليس من الأفضل أن تتعرف إليه عن طريق الصداقة .. الصداقة البريئة .. التى تكشف عن الطبائع وتؤلف الطباع؟!

? ? ?

ثم بدأت " البراءة " تذهب رويدا رويدا عن الاختلاط.

بدأت تقع حوادث مشينة .. أى كان ينظر إليها فى ذلك الحين على أنها مشينة!

وانبرى المدافعون يدافعون عن الاختلاط. إنه ليس هو السبب فيما حدث! إنما هى التجربة الجديدة لابد أن يكون لها ضحايا! إنها تجربة " التحرر " .. تحرر الفتى والفتاة كليهما من القيود العتيقة والتقاليد البالية .. والفتاة بصفة أخص، فقد كانت هى التى يقع عليها عبء هذه التقاليد البالية .. فإذا وقعت هنا أو هناك حادثة مشينة فذلك رد الفعل للكبت الطويل الذى كان الشباب يعيش فيه، وللقيود الظالمة التى كانت تعيش فيها الفتاة بصفة خاصة، فلا ترفعوا عقيرتكم أيها المتزمتون تستغلون هذه الحوادث الفردية وتضخمونها فوق حقيقتها! إنها نزوات طارئة، وسرعان ما تهدأ الأمور وتستقيم حين يصبح الاختلاط شيئا عاديا فى المجتمع، وتزول آثار الكبت الماضية، وآثار التقاليد البالية التى سجنت الفتاة طويلا داخل الجدران، وجعلت التجربة الجديدة – تجربة التحرر – تبهرها فتزل من أجل ذلك بعض الأقدام! لابد أن نرعى التجربة الجديدة، ونوجهها بالحسنى إلى الطريق القويم، بدلا من هذا الصياح الفارغ الذى يتصايح به المتزمتون!

ويمضى الزمن فى طريقه فتتكاثر الحوادث المشينة، ويخفت صوت المدافعين عن الاختلاط البرئ، فقد فقد براءته ولم يعد من المقبول ادعاؤها ولا من الممكن تصديقها!

ولكن .. فلتذهب تلك البراءة إلى غير رجعة! هل كنا نريدها حقيقة أو ندافع عنها مخلصين! إنما كانت هى الطعم المزيف الذى وضعناه ليأتى الصيد .. وقد جاء .. فما حاجتنا بعد للتزييف " "؟!

ولكن " تطورات" كثيرة كانت تحدث فى تلك الأثناء .. كانت ألسنة اللهب تمد مدا لتحرق أشياء جديدة فى مجالات جديدة ..

طالبت المرأة – أو طولب لها – بحق العمل بعد حق التعليم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير