تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مباح الدم ويكون معصوم الدم كمن قتل رجلا في صفوف الكفار ثم تبين أنه كان مسلماً والخطأ في العلم هو من هذا النوع ولهذا قيل في أحد القولين إنه لا دية فيه لأنه مأمور به بخلاف الأول وأيضا فقد قال تعالى وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم ففرق بين النوعين وقال تعالى: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا وقد ثبت في الصحيح ان الله تعالى قال قد فعلت فلفظ الخطأ وأخطأ عند الإطلاق يتناول غير العامد وإذا ذكر مع النسيان أو ذكر في مقابلة العامد كان نصا فيه وقد يراد به مع القرينة العمد أو العمد والخطأ جميعا كما في قراءة بن عامر وفى الحديث الإلهي إن كان لفظه كما يرويه عامة المحدثين تخطئون بالضم وأما اسم الخاطئ فلم يجيء في القرآن الا للاثم بمعنى الخطيئة كقوله واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين وقوله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين وقوله يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين وقوله لا يأكله إلا الخاطئون وإذا تبين هذا فكل مجتهد مصيب غير خاطئ وغير مخطئ أيضا إذا أريد بالخطأ الإثم على قراءة بن عامر ولا يكون من مجتهد خطأ وهذا هو الذي أراده من قال كل مجتهد مصيب وقالوا الخطأ والإثم متلازمان فعندهم لفظ الخطأ كلفظ الخطيئة على قراءة بن عامر وهم يسلمون أنه يخفى عليه بعض العلم الذي عجز عنه لكن لا يسمونه خطا لأنه لم يؤمر به وقد يسمونه خطأ إضافيا بمعنى أنه اخطأ شيئا لو علمه لكان عليه ان يتبعه وكان هو حكم الله في حقه ولكن الصحابة والأئمة الأربعة رضي الله عنهم وجمهور السلف يطلقون لفظ الخطأ على غير العمد وإن لم يكن إثما كما نطق بذلك القرآن والسنة في غير موضع كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فاخطأ فله أجر وقال غير واحد من الصحابة كابن مسعود أقول فيها برأيي فان يكن صوابا فمن الله وان يكن خطأ فمنى ومن الشيطان والله ورسوله بريئان منه وقال علي في قصة التى أرسل إليها عمر فأسقطت لما قال له عثمان وعبد الرحمن رضي الله عنهما أنت مؤدب ولا شيء عليك ان كانا اجتهدا فقد أخطآ وان لم يكونا اجتهدا فقد غشاك وأحمد يفرق في هذا الباب فإذا كان في المسألة حديث صحيح لا معارض له كان من أخذ بحديث ضعيف أو قول بعض الصحابة مخطئا وإذا كان فيها حديثان صحيحان نظر في الراجح فأخذ به ولا يقول لمن أخذ بالآخر إنه مخطئ وإذا لم يكن فيها نص اجتهد فيها برأيه قال ولا أدري أصبت الحق أم أخطأته ففرق بين أن يكون فيها نص يجب العمل به وبين أن لا يكون كذلك وإذا عمل الرجل بنص وفيها نص آخر خفي عليه لم يسمه مخطئا لأنه فعل ما وجب عليه لكن هذا التفصيل في تعيين الخطأ فان من الناس من يقول لا أقطع بخطأ منازعي في مسائل الاجتهاد ومنهم من يقول أقطع بخطئه وأحمد فصل وهو الصواب وهو إذا قطع بخطئه بمعنى عدم العلم لم يقطع بإثمه هذا لا يكون إلا في من علم أنه لم يجتهد وحقيقة الأمر أنه إذا كان فيها نص خفي على بعض المجتهدين وتعذر عليه علمه ولو علم به لوجب عليه اتباعه لكنه لما خفي عليه اتبع النص الآخر وهو منسوخ أو مخصوص فقد فعل ما وجب عليه بحسب قدرته كالذين صلوا إلى بيت المقدس بعد أن نسخت وقبل أن يعلموا بالنسخ وهذا لان حكم الخطاب لايثبت في حق المكلفين إلا بعد تمكنهم من معرفته في أصح الأقوال وقيل يثبت معنى وجوب القضاء لا بمعنى الإثم وقيل يثبت في الخطاب المبتدأ دون الناسخ والأقوال الثلاثة في مذهب أحمد وغيره وإذا كان كذلك فما لم يسمعه المجتهد من النصوص الناسخة أو المخصوصة فلم تمكنه معرفته فحكمه ساقط عنه وهو مطيع لله في عمله بالنص المنسوخ والعام ولا إثم عليه فيه وهنا تنازع الناس على ثلاثة أقوال قيل عليه اتباع الحكم الباطن وأنه إذا أخطأ كان مخطئاً عند الله وفى الحكم تارك لما أمر به مع قولهم إنه لا إثم عليه وهذا تناقض فان من ترك ما أمر به فهو آثم فكيف يكون تاركا لمأمور به وهو غير آثم وقيل بل لم يؤمر قط بالحكم الباطن ولا هو حكم في حقه ولا أخطأ حكم الله ولا لله في الباطن حكم في حقه غير ما حكم به ولا يقال له أخطأ فان الخطأ عندهم ملازم للاثم وهم يسلمون أنه لو علمه لوجب عليه العمل به ولكان حكما في حقه فكان النزاع لفظيا وقد خالفوا في منع اللفظ في الكتاب والسنة وإجماع

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير