سواء كان ذلك في حياتهم أو بعد مماتهم، كما سيتبين ذلك جليا واضحا في المباحث التالية إن شاء الله تعالى.
و نبدأ في الكلام على هذه المسألة:
المبحث الثاني: التوسل المشروع وبيان أنواعه.
من المقرر شرعا: أن العبادة منبية على (الانقياد و الاتباع) لا على (الإحداث و الابتداع) فليس لأحد أن يشرع عبادة من عند نفسه.
قال الله تعالى: {أم لهم شركؤا شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله و لولا كلمة الفصل لقُضيَ بينهم وإن الظلمين لهم عذاب أليم}
سورة الشورى الآية رقم (21).
ومن المقرر أيضا أن ((الدعاء)) من أعظم أنواع العبادة التي شرعها الله تعالى.
قال الله تعالى: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين}
سورة غافر الآية رقم (60).
و قال تعالى: {و إذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون}
سورة البقرة الآية رقم (187).
فمن صرف هذه العبادة لغير الله تعالى فقد ((كفرَ كُفراً مُخرجا من الملة)) وإن صلى وصام و زعم أنه مسلم.
قال الله تعالى: {ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيمة وهم عن دعائهم غافلون}
سورة الأحقاف الآية رقم (5).
والله جل وعلا قد شرع لنا أنواعا من ((التوسلات المشروعة)) العظيمة، والتي تكَفَّلَ الله بإجابة الداعي بها إذا توفرت شروط الدعاء الأخرى، والتي منها ((الإخلاص لله تعالى، و اتباع أوامر الله تعالى وا جتناب نواهيه، وعدم الإستعجال في الدعاء، وعدم الاعتداء في الدعاء ... )) وغيرها.
ومن خلال تتبعنا لكتاب الله جل و علا، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أن هناك ((ثلاثة من أنواع التوسل)) التي شرعها الله تعالى وأمر بها، وكذلك رسوله صلى الله عليه وسلم، وهي كالتالي:
النوع الأول: التوسل إلى الله جل وعلا بأسمائه الحسنى، وصفاته العُلا.
وهذا هو أجل و أعظم أنواع ((التوسل المشروع)) و هذا هو الذي أمر الله تعالى به كما في قوله تعالى: {و لله الأسماء الحُسنى فادعوه بها ... } الآية
سورة الأعراف الآية رقم (180).
ولهذ ((النوع العظيم)) من التوسل المشروع أدلة كثيرة من الكتاب والسنة، بل إن أكثر الأدلة الشرعية تدل عليه، وتأمر به وتُرشدُ إليه.
فالدعاء ((بإسم من أسماء الله جل و علا)) مثل أن تقول: ((اللهم إني أسألك بأنك أنت الله الرحمن الرحيم اللطيف الوهاب ... )) ونحوها من أسماء الله تعالى.
ومن الأدلة الواردة في ((الدعاء بإسم من أسماء الله جل و علا)) ما يلي:
قوله تعالى عن (آدم و حواء عليهما السلام): {قالا ربنا ظلمنا أنفسنا و إن لم تغفر لنا و ترحمنا لنكونن من الخاسرين}.
سورة الأعراف الآية رقم (23).
و قوله تعالى عن (نوح عليه السلام): {رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين و المؤمنات ... } الآية.
سورة نوح الآية رقم (28).
و قوله تعالى عن (إبراهيم و إسماعيل عليهما السلام): {ربنا و اجعلنا مسلمين لك و من ذريتنا أمة مسلمة لك و أرنا مناسكنا و تب علينا إنك أنت التواب الرحيم}.
سورة البقرة الآية رقم (128).
و قوله تعالى عن (موسى عليه السلام): {قال ربِّ اشرح لي صدري، و يسر لي أمري، و احلل عُقدة من لساني، يفقهوا قولي}.
سورة طه الآيات من (25 - 28).
و قوله تعالى عن (طالوت و جنوده): { ... ربنا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا و انصرنا على القوم الكافرين}.
سورة البقرة الآية رقم (128).
و قوله تعالى عن (أيوب عليه السلام): {و أيوبَ إذ نادى ربَّهُ أني مسَّنيَ الضُّرُ و أنت أرحمُ الراحمين}.
سورة الأنبياء الآية رقم (83).
و قوله تعالى عن (يونس عليه السلام): { ... فنادى في الظلمتِ ألا إلهَ إلا أنتَ سُبحانكَ إني كنتُ من الظلمين}.
سورة الأنبياء الآية رقم (87).
و قوله تعالى عن (زكريا عليه السلام): {و زكريا إذ نادى ربهُ ربِّ لا تذرني فرداً و أنتَ خيرُ الوارثين}.
سورة الأنبياء الآية رقم (89).
¥