تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وبعض أهل العلم احتج على منع الحائض من دخول المسجد بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ) سورة النساء الآية 43.

ومع أن هذه الآية لم تذكر الحائض إلا أنهم ألحقوها بالجنب.

وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى جواز دخول الحائض للمسجد وبهذا قال الإمام أحمد في رواية عنه وهو قول المزني صاحب الإمام الشافعي وبه قال الإمام داود وابن حزم الظاهريان.

وقال الإمام أحمد في رواية أخرى إن للحائض دخول المسجد إن توضأت وأمنت تلويث المسجد. انظر الإنصاف 1/ 347.

واختار هذا القول العلامة المحدّث الشيخ ناصر الدين الألباني كما في تمام المنة

ص 119.

وهذا القول هو الذي أطمئن إليه فيجوز للمرأة الحائض دخول المسجد لحضور دروس العلم.

ويدل لهذا القول ما يلي:

1. البراءة الأصلية لأن الأصل عدم التحريم ولم يقم دليل صحيح صريح على تحريم دخول الحائض للمسجد.

قال الإمام النووي: [وأحسن ما يوجه به هذا المذهب أن الأصل عدم التحريم وليس لمن حرم دليل صحيح صريح] المجموع 2/ 160.

وقال الشيخ الألباني: [والقول عندنا في هذه المسألة من الناحية الفقهية كالقول في مس القرآن من الجنب للبراءة الأصلية وعدم وجود ما ينهض على التحريم وبه قال الإمام أحمد وغيره.] تمام المنة ص 119.

2. إن الحديث الذي استدل به جمهور العلماء وهو: (لا أحل المسجد لجنب ولا لحائض) اختلف فيه أهل الحديث اختلافاً كبيراً لأنه من رواية أفلت بن خليفة عن جسرة بنت دجاجة وقد ضعفهما جماعة من أهل الحديث كالخطابي والبيهقي وعبد الحق الاشبيلي وابن حزم ونقل التضعيف عن الإمام أحمد أيضاً.

(4/ 48)


وقال الإمام البغوي: [وجَوَّزَ أحمد والمزني المكث فيه وضعّف أحمد الحديث لأن راويه وهو أفلت بن خليفة مجهول وتأوّل الآية على أن - عابري السبيل - هم المسافرون تصيبهم الجنابة فيتيممون ويصلون وقد روي ذلك عن ابن عباس] شرح السنة 2/ 46.
ومن المعاصرين الشيخ الألباني حيث قال: [قال البيهقي: ليس بالقوي].
وقال عبد الحق الإشبيلي: [لا يثبت]، وبالغ ابن حزم فقال: [إنه باطل].
وللحديث شاهدان لا ينهضان لتقويته ودعمه لأن في أحدهما متروكاً وفي الآخر كذاباً.] تمام المنة 119، وضعّفه الشيخ الألباني أيضاً في إرواء الغليل 1/ 162.
وقد ضعف الإمام النووي هذا الحديث في كتابه خلاصة الأحكام حيث قال: [باب ذكر المحدث والجنب والحائض وقراءتهم ومسهم المصحف ودخولهم المسجد] ثم ساق بعض الأحاديث الصحيحة في الباب ثم قال: فصل في ضعيفه وذكر عدة أحاديث ضعفها ومنها حديث: (لا أحل المسجد لحائض ولا جنب) انظر خلاصة الأحكام 1/ 206 - 210.
وقال الحافظ ابن حجر عن أفلت بن خليفة بأنه مجهول الحال. التخليص الحبير 1/ 140.
وقال الخطابي: [وضعفوا هذا الحديث وقالوا أفلت راويه مجهول ولا يصح الاحتجاج بحديثه.] معالم السنن 1/ 67.
وضعف الحديث برواية ابن ماجة أيضاً صاحب الزوائد حيث قال: [إسناده ضعيف مخدوج لم يوثق وأبو الخطاب مجهول] سنن ابن ماجة 1/ 212.
وقال الإمام البخاري عند جسرة عجائب. المجموع 2/ 160.
وقد اعتبر كثير من العلماء كلام البخاري هذا تضعيفاً للحديث.
كما أن ابن حزم قد ضعف الحديث برواياته كلها فقال: [وهذا كله باطل أما أفلت فغير مشهور ولا معروف بالثقة وأما مخدوج فساقط يروي المعضلات عن جسرة وأبو الخطاب الهجري مجهول وأما عطاء الخفاف فهو عطاء بن مسلم منكر الحديث وإسماعيل مجهول ومحمد بن الحسن مذكور بالكذب وكثير بن زيد مثله فسقط كل ما في هذا الخبر جملة] المحلى 1/ 401.

(4/ 49)

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير