تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثانيا: في " واقعة الجمل " لم يكن طلحة والزبير ومن معهما كارهين لخلافة علي رضي الله عنه وإنما ظنوا أن في خروجهم إلى البصرة مصلحة للمسلمين وكذا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لم تقاتل ولم تخرج لقتال ولم تجهز جيشا كما يقول هذا الدعي الفاجر وإنما خرجت بقصد الإصلاح بين المسلمين، وظنت في خروجها مصلحة للمسلمين ثم تبين لها فيما بعد أن ترك الخروج أولى فكانت إذا ذكرت خروجها تبكي حتى تبل خمارها (الطبقات الكبرى لابن سعد 8/ 18 وسير أعلام النبلاء 2/ 177) فلم يكن الأمر كما يصوره هؤلاء الكذبة!! وكانت رضي الله عنها قد خرجت إلى مكة مع حجاج بيت الله ذلك العام فلما علمت بما حدث في مدينة رسول الله من مقتل ذي النورين الخليفة الراشد عثمان أحزنها بغي البغاة على خليفة نبيهم وعلمت أن عثمان كان حريصا على تضييق دائرة الفتنة، فمنع الصحابة من الدفاع عنه بعد أن أقام الحجة على الثائرين في كل ما ادعوه عليه وعلى عماله وكان الحق معه وهم على الباطل. فاجتمعت عائشة بكبار الصحابة وتداولت الرأي معهم فيما ينبغي عمله، فرأوا أن يسيروا مع عائشة إلى العراق ليتفقوا مع أمير المؤمنين عليّ على الاقتصاص من الذين اشتركوا في دم عثمان، وأوجب الإسلام عليهم الحد، فلم يخطر على بال عائشة وكل الذين كانوا معها وفي مقدمتهم طلحة والزبير المشهود لهما من النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة أنهم سائرون ليحاربوا عليًّا، ولم يكن يخطر ببال علي أن هؤلاء أعداء له وأنهم حرب عليه , فجاءت عائشة ومن معها للمطالبة بإقامة الحد على الذين اشتركوا في جناية قتل عثمان وما كان عليّ ـ وهو من هو في دينه وخلقه ــ ليتأخر عن ذلك إلا أنه كان يرى أنه ليس من المصلحة تتبع قتلة عثمان الآن حتى تستتب الأمور، فَقَتْلُ قَتَلَة عثمان متفقٌ عليه، وإنما الاختلاف إنما هو متى يكون ذلك. وبعد الاتفاق نام الجيشان بخير ليلة وبات قتلة عثمان بشر ليلة لأن الاتفاق عليهم، وهذا ما ذكره المؤرخون الذين أرخوا للمعركة مثل الطبري (3/ 517)، وابن كثير في البداية والنهاية (7/ 2509) وابن الأثير في الكامل 3/ 120) وابن حزم في الفصل (4/ 293) وغيرهم. فلم يهدأ للقتلة بال وأجمعوا على ألا يتم هذا الاتفاق وفي السحر والقوم نائمون هاجموا جيش طلحة وقتلوا بعض أفراده، فظن جيش طلحة أن جيش علي غَدَر بهم فاشتعلت المعركة، وقد حاول علي وطلحة وعائشة رضي الله عنهم وقف القتال فلم يفلحوا (راجع: الطبري 5/ 190 ـ 194).

ثالثا: علي رضي الله عنه أقرب الطائفتين للحق لكن لم يصب الحق كله؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال عنه: ((الأقرب إلى الحق)) أو ((الأولى بالحق)) لا أنه على الحق كله. وليس هذا طعنا في علي ولكن لأن الذين امتنعوا عن المشاركة في الفتنة من الصحابة هم الذين كانوا على الحق فالسلامة لعلي رضي الله عنه كانت في الإمساك عن القتال ولذلك ندم علي رضي الله عنه لما انتهت المعركة ومر على الشهيد طلحة الذي أصابه سهم غير مقصود فأصابه في قدمه مكان إصابة قديمة، فقال بعد أن أجلسه ومسح التراب عن وجهه: ((عزيز علي أن أراك مجدلا تحت نجوم السماء أبا محمد، وبكى علي رضي الله عنه وقال: وددت أني مت قبل هذا بعشرين سنة)) مختصر تاريخ دمشق (11/ 207) وأسد الغابة لابن الأثير (3/ 88) وقال البوصيري: ((رجاله ثقات)) كما نقله عنه ابن حجر في المطالب العالية. وهنا يقال لهؤلاء المشوهين لصورة أمنا عائشة: ها هو علي رضي الله عنه بكى أيضا فماذا تقولون؟

رابعا: ينقل الأفَّاق في مقاله عن أم المؤمنين عائشة أنها قالت عن عثمان: ((اقتلوا نعثلا فقد كفر)) اهـ

واالجواب: هذا من الكذب على أم المؤمنين، فلم يثبت عنها هذا الكلام أنها نطقت به، ولم يرو ذلك عنها إلا الشيعة الروافض الذين اتخذوا الكذب شعارا والتقية والنفاق دثارا. فكلمة (نعثل) لم ترد إلا على ألسنة قتلة عثمان رضي الله عنه فقد كان قتلة عثمان يسمونه بذلك تشبيها له برجل من مصر كان طويل اللحية اسمه نعثل (تاريخ الطبري 4/ 365)، ومما يؤكد براءتها أنها أنكرت قتل عثمان وذمت من قتله وبرئت إلى الله تعالى من قتله وممن قتله (تاريخ خليفة بن خياط ص 175، 176).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير