تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

السؤال: اشتغل بما هو أنفع وأهم وبما يعود على صالح الأمة المسلمة في زمانها بالخير، فمالك والخضر مات أو عاش، إن أكثر من (90%) من قوتنا نأخذه من يد أعدائنا، وإن المسلمين قد تخلفوا تخلفاً موجعاً عن كل مظاهر التقدم، فهلا دفعتهم حتى يساووا أولئك الكفرة في القبض على منافذ الحياة، وهم بذلك يستطيعون أن ينشروا دينهم، لأن كثيراً من الكفرة ينظرون إلى التردي الذي يعيش فيه المسلمون الآن فيظنون أنه بسبب دينهم فلا يقدمون على الإسلام، لكنهم لو أخذوا بأسباب الحياة وتقدموا لعل هؤلاء الغربيين يعجبهم مثل هذا التقدم في ديار المسلمين، ويكون هذا من باب الدعوة إلى الإسلام؟ الجواب: أن هذا القائل ليس بأول سار غره قمره؛ لأن هذا الرجل إنما تعلق بأعلى الشجرة ونسي أن السوس قد اخترم جذرها، إن الله تبارك وتعالى قال في محكم تنزيله: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ [الرعد:11]، (ما) هنا: هي كل شيء يضاد الفطرة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه) ولم يقل: أو يسلمانه؛ لأن الفطرة هي الإسلام، وهذا الحديث من حجج القائلين بأن أولاد اليهود والنصارى الذين ماتوا وهم رضع أو لم يجر عليهم القلم أنهم في الجنة؛ لأن كل مولود يولد على الفطرة فهو يولد على الفطرة، فبعد أن يكبر أو يعقل فأبواه إما يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه. فبعدما يكبر هذا الإنسان يبدأ ينحرف عن الفطرة التي ولد عليها، فيعلق به (ما) هذه، فلذلك كانت الآية توجهه إلى ذلك: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا [الرعد:11] فـ (ما) أي: الذي علق بنفوسهم. فإذا كان بيننا من يعتقد أن الخضر حي ويأخذ منه دينه فهذا خرج من الإسلام من باب واسع، ونحن لو سلمنا أن الخضر حي وأنه يفتي فتاوى لما جاز أن تتلقى منه فتوى ينفرد بها عن غيره من العلماء عندنا، فالقاعدة معروفة عند علماء الأصول: أن شرع من قبلنا شرع لنا بشرط ألا يرد في شرعنا ما يخالفه. فالخضر عليه السلام إن كان نبياً فهو تابع لنبينا صلى الله عليه وسلم، والقائلون بحياته يستحيل أن يتخلصوا من هذا، إذ ليس من الممكن أن يكون نبياً منفرداً بذاته والنبي عليه الصلاة والسلام موجود عمت رسالته الخافقين، فلا يجوز له أن ينفرد بفتوى؛ بل لابد أن يفتي وفق فتوى النبي عليه الصلاة والسلام. فإن كانت فتواه التي يفتي بها لها أصل في السنة فالتعويل على ما في السنة لا على ما قاله الخضر، إذاً: فلا قيمة لفتواه، فهي إن كانت مخالفة لما عندنا فلا اعتداد بها، وإن كانت موافقة لما عندنا فهي موافقة شكلية؛ إذ الاعتماد على الحديث الذي قاله النبي عليه الصلاة والسلام.

تمثل الشيطان في صورة الخضر

قد يغلو البعض في الخضر بأشد من ذلك، وإذا جاءك رجل صالح ما جربت عليه كذباً قط، فأقسم بالله وبالأيمان الغلاظ أنه رأى الخضر بعينيه وكلمه، وقال: أنا الخضر، وأقسم له أنه الخضر. غير ممكن أنك ترمي هذا الرجل بالكذب أو الوهم، إذ هو عابد عالم وأقسم أنه رأى الخضر وأن الذي رآه أقسم له أنه الخضر، لكن هذا لا يكون دليلاً على أن الخضر موجود. وإليكم البيان: نحن نسلم أن هناك من يرى بعض الأشخاص يقول له: أنا الخضر، وقد يراه على خلقة أعظم من خلقة بني آدم التي يراها، لكننا نقول: إن ذلك شيطان، وأبو إسحاق الحربي قال: (ما ألقى هذا بين الناس إلا الشيطان). ونحن نعلم أن الشيطان يتشكل في صورة الآدمي، ويتشكل في أي صورة، بخلاف بعض الذين قالوا: لا يتشكل إلا على شكل قطة أو هرة أو حيوان ولا يتشكل على شكل إنسان، فإن عندنا الدليل القاطع على أنه يتشكل حتى على شكل إنسان. وهذا الدليل هو قصة أبي هريرة مع سارق الصدقات كما في صحيح البخاري، وأن هذا السارق كان شيطاناً جنياً؛ بل صرح هو بهذا لأبي هريرة. فهذا الجني يتشكل في أي صورة، فقد يتشكل في صورة آدمي عظيم الخلقة، ثم يقول: أنا الخضر ليضل هؤلاء الناس، فيا عجباً لمن صدقه بأنه الخضر! وما يدريه أن هذا صادق عندما قال له: أنا الخضر؟ وهذا يذكرنا بقصة الثعلب الذي لبس جبة وفسطاطاً وأمسك مسبحة ودعا الديك حتى يؤذن للصلاة، فمن أين لنا أن هذا الثعلب صادق؟ أذكر أنني سمعت محاورة بين شيخنا الألباني حفظه الله وبين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير