تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

رجل مصري يعالج المصابين بالجن، فقال المصري للشيخ: هل يجوز لي أن أستعين بالجني المسلم في علاج الحالات؟ لأن الذي مس هذا الإنسان جني كافر، إما نصراني أو يهودي أو مجوسي، فهل يجوز لي أن أستعين بالجني المسلم الذي عنده القوة على أن يقاوم هذا الجني الكافر؟ فكان جواب الشيخ له هو جواب العالم الذي لا يترك الفرع ويدخل في الأصل مباشرة، ومن علامة عدم الوصول إلى الحق أنك لا ترسي أصلاً تنطلق منه، فقال له الشيخ: وكيف عرفت أنه مسلم؟ هذا هو الأصل، فلا نسلم أنه مسلم. قال: منه. قال: ومن أدراك؟ أليس من الجائز أن يكون أكفر جني على وجه الأرض، ثم يقول لك: أنا مسلم ويستدرجك، أليس هذا جائزاً؟ قال: جائز. قال: فمن أين لك أن تعلم أنه مسلم؟ إذاً: كما يقول بعض علمائنا المتأخرين: اثبت العرش ثم انقش، إذ كيف يستقيم الظل والعود أعوج. فنحن لا نستطيع أن نخوض في هذه المسألة إلا إذا ثبتنا هذا الأصل، وهو كيف نعرف أنه مسلم؟ من المعروف أنه عندما يكون الجني كافراً يستحل كل شيء حتى دعوى أنه مسلم، فلا نصل إذاً إلى حل، فيبقى أنه لا يجوز لك أن تعتمد على الجني المسلم بزعمه أنه مسلم حتى تثبت أنه مسلم وهيهات هيهات. وليست كل دعوى تخرج من فم إنسان تسلم له، وإلا فأكثر أهل الأرض أدعياء، يدعون الكرم والشجاعة والعلم والأخلاق، ويدعون كل شيء، ويتبرءون من كل رذيلة وإن كانوا هم صناعها. حتى أن بعضهم يقول: الغاية تبرر الوسيلة، ويجعلها قاعدة عنده ليبرر عدوانه، فكل إنسان يدعي الكمال وما ليس فيه. فلو قال هذا الرجل الذي يظهر على أنه الخضر: أنا الخضر، كيف سلمت له أنه الخضر، ولماذا لا تكون أنت بذاتك الخضر مثلاً؟

الأدلة من القرآن على أن الخضر مات

أما القرآن: فقد قال الله تبارك وتعالى للنبي صلى الله عليه وسلم وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِينْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ [الأنبياء:34] أي: إن كتبنا عليك الموت مع جلالتك وقربك منا واصطفائنا لك وأنت سيد ولد آدم ولا فخر، وأنت أول من يهز حلق الجنة، وأول من تنشق عنه الأرض، وأول من يدخل الجنة من النبيين بل من الخلق، وأول شافع ومشفع، أفإن مت يكون هؤلاء الذين لم تتوفر لهم هذه الصفات هم الخالدون. ونحن نسأل: هل الخضر بشر أم جني؟ لا يشك أحد أنه بشر، فإن كان من البشر شمله عموم الآية بل لا شك في ذلك عند جميع العلماء: وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِينْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ [الأنبياء:34] إن كان من البشر شملته الآية كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ [آل عمران:185] ولفظة (كل) عند العلماء: تفيد العموم ولم يخرج عن هذا العموم أحد -أي: في الدنيا- إلا إبليس لعنه الله، وعيسى عليه السلام بدلالة النص الخاص بكل منهما. ولو أخذنا الآية على جميع أفرادها وجميع زمانها صار الكل فانياً. الدليل الثاني من القرآن: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ [آل عمران:81]. والخضر نبي: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ [آل عمران:81] فلا شك أنه داخل في هذه الجملة، ولا نعلم في حديث صحيح ولا حسن ولا ضعيف ضعفاً منجبراً أن الخضر جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وآمن به وصدقه وجاهد معه، فأين كان؟ وقد أخذ الله الميثاق على جميع الأنبياء الذين يأتي النبي صلى الله عليه وسلم وهم أنبياء أخذ عليهم الميثاق أنه إذا ظهر هذا النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم أنه يجب عليهم أن يأتوه ويعزروه وينصروه، فإن كان الخضر حياً فأين كان؟ أليس هذا من الطعن في الخضر وأنه خالف ميثاق الله عز وجل ولم يجد لنصرة النبي عليه الصلاة والسلام، أليس القول ببقائه من باب الطعن فيه؟ بلى. وبهذا احتج ابن الجوزي رحمه الله على أن الخضر مات.

الأدلة من السنة على أن الخضر مات

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير