تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثانياً: السنة المطهرة: وبها احتج الإمام البخاري رحمه الله على موت الخضر، وقد روى أصحاب الصحاح هذا الحديث من حديث ابن عمر وأبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهم وكلها موجودة في صحيح مسلم، وبعضها في صحيح البخاري أن النبي عليه الصلاة والسلام قال قبل أن يموت بشهر واحد وهذا التحديد وقع في رواية جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال عليه الصلاة والسلام: (أرأيتكم ليلتكم هذه ليس على ظهر الأرض أحد ممن هو عليها اليوم بعد مائة عام)، أي: بدءاً من هذه الليلة جميع الموجودين على الكرة الأرضية بعد مائة عام لا يكون أحد منهم حي. وفي اللفظ الآخر: (ما من نفس منفوسة تمر عليها مائة عام وهي على ظهر الأرض حية يومئذٍ). والعجيب أن الذين ردوا هذا الحديث قالوا: إن الخضر يعيش في البحر فلذلك الحديث لا يشمله، وهذا من المضحك المبكي الموجع، وهل هناك دليل على أنه في البحر؟ ولِمَ لم تقل: إنه في السماء؟ أليس من المضحك أن ترد الأحاديث الصحيحة بمثل هذا الباطل الذي لا يعجز عنه أحد، كل إنسان يستطيع أن يغفل دلالة القرآن الكريم والسنة المنزلة بمثل هذه الأقوال، أما نحن فنأتيكم بأدلة ناصعة كالشمس في رابعة النهار، ونؤصل أدلتنا ونسندها ونصححها، فهلا أبرزتم لنا دليلاً واحداً ارتقيتم به إلى النبي صلى الله عليه وسلم في مواجهة الأدلة التي نأتي بها؟ ما عندهم شيء وإنما قالوا: هو في البحر، ولو أن الحديث قال: هو في البحر لقالوا: هو في الأرض، ولو أن الحديث قال: في البحر والأرض لقالوا: في السماء، فلابد من أن يأتوا بجهة ليست موجودة في الحديث. وقد استدل بهذا الإمام البخاري على أن الخضر مات، إذ لو سلمناً جدلاً أنه كان موجوداً في زمان النبي عليه الصلاة والسلام فبدلالة هذا الحديث هو ميت لا محالة بعد مائة عام، ويستحيل أن يكون موجوداً بعد مائة عام. فالذين يقولون بعد المائة الأولى: رأينا الخضر وسمعنا الخضر وكلمنا الخضر! هم كذبة، والمحققون كالإمام مسلم وغيره استدلوا بهذا الحديث على انقطاع الصحبة بعد مائة عام. فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام هذا الحديث في السنة العاشرة للهجرة، فإذا اعتبرت أنه بعد مائة عام من هذه المقالة لا يوجد أحد ممن يعيش على ظهر الأرض، فإذاً: نقطع بأن الصحابة جميعاً سيكونون قد ماتوا بتمام سنة (110هـ)، وكان آخر صحابي مات كما قال مسلم هو أبو الطفيل عامر بن واثلة مات سنة (110هـ) وهذا تصديق للحديث من أنه لا يوجد أحد بعد مائة عام من هذه المقالة. لذلك ادعى جماعة الصحبة بعد سنة (100هـ) وقالوا: بل إنهم رأوا النبي عليه الصلاة والسلام، فكذبهم أهل العلم وقالوا لهم: لستم صحابة ولم تروه؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (ما من نفس منفوسة تمر عليها مائة عام وهي على ظهر الأرض حية يومئذٍ). فلو سلمنا جدلاً أن الخضر حي فهو بعد سنة (110هـ) يستحيل أن يكون حياً، فهذا دليل من السنة. ودليل آخر: في غزوة بدر لما جأر النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه وقد رأى أصحابه ضعافاً أذلة يقتسمون التمرات، وحالة الفقر عليهم ظاهرة، مشردون وهم سيقابلون عتاة قريش الذين خرجوا لأجل الحرب، وهؤلاء ما خرجوا لأجل الحرب، وما عندهم استعداد, نظر إليهم ورثى لحالهم، وقال: (اللهم نصرك الذي وعدت، اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض) وقد اتفق العلماء أن عدة من كان موجوداً من الصحابة يوم بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً معروفون بأسمائهم، وهم الذين يطلق عليهم العلماء: البدريون، وهم غرة في جبين الإسلام والمسلمين، حسبهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لعل الله اطلع إلى أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم) وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يدخل النار أحد شهد بدراً والحديبية). ومن هذا أن حاطب بن أبي بلتعة كان يقسو على غلامه ويضربه، فذهب الغلام يشكوه إلى النبي عليه الصلاة والسلام وكان حاطب ممن شهد بدراً، فقال غلام حاطب للنبي عليه الصلاة والسلام: (والله يا رسول الله ليدخلن حاطب النار -أي: بقسوته عليَّ- فقال النبي عليه الصلاة والسلام: كذبت، لقد شهد بدراً). وهؤلاء البدريون ينسبون إلى هذه الغزوة المباركة، فيقال: أبو مسعود البدري ولا يقال: فلان الأحدي ولا الخندقي ولا التبوكي ولا الرضواني، لا ينسب أحد إلى غزوة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير