تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَقَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ وَأَبِي دَاوُد: إنْ كَانَ لَهُ أَبَوَانِ يَأْمُرَانِهِ بِالتَّزْوِيجِ أَمَرْته أَنْ يَتَزَوَّجَ، أَوْ كَانَ شَابًّا يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ الْعَنَتَ أَمَرْته أَنْ يَتَزَوَّجَ.

وَقَالَ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّينِ فِي حَجِّ التَّطَوُّعِ إنَّ لِلْوَالِدِ مَنْعَ الْوَلَدِ مِنْ الْخُرُوجِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ لَهُ مَنْعَهُ مِنْ الْغَزْوِ وَهُوَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ، وَالتَّطَوُّعُ أَوْلَى وَقَالَ فِي مَسْأَلَةِ (لَا يُجَاهِدُ مَنْ أَبَوَاهُ مُسْلِمَانِ إلَّا بِإِذْنِهِمَا يَعْنِي تَطَوُّعًا) إنَّ ذَلِكَ يُرْوَى عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَإِنَّهُ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَسَائِرِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَاحْتَجَّ بِالْأَحَادِيثِ الْمَشْهُورَةِ فِي ذَلِكَ قَالَ: وَلِأَنَّ بِرَّ الْوَالِدَيْنِ فَرْضُ عَيْنٍ وَالْجِهَادُ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَفَرْضُ الْعَيْنِ مُقَدَّمٌ، فَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْجِهَادُ سَقَطَ إذْنُهُمَا، وَكَذَلِكَ كُلُّ فَرَائِضِ الْأَعْيَانِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا وَجَبَ كَالْحَجِّ وَصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَالْجُمَعِ وَالسَّفَرِ لِلْعِلْمِ الْوَاجِبِ لِأَنَّهَا فَرْضُ عَيْنٍ فَلَمْ يُعْتَبَرْ إذْنُ الْأَبَوَيْنِ فِيهَا كَالصَّلَاةِ.

وَظَاهِرُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ التَّطَوُّعَ يُعْتَبَرُ فِيهِ إذْنُ الْوَالِدَيْنِ كَمَا يَقُولهُ فِي الْجِهَادِ وَهُوَ غَرِيبٌ وَالْمَعْرُوفُ اخْتِصَاصُ الْجِهَادِ بِهَذَا الْحُكْمِ وَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُسَافِرُ لِمُسْتَحَبٍّ إلَّا بِإِذْنِهِ كَسَفَرِ الْجِهَادِ.

وَأَمَّا مَا يَفْعَلُهُ فِي الْحَضَرِ كَالصَّلَاةِ النَّافِلَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ إذْنُهُ وَلَا أَظُنُّ أَحَدًا يَعْتَبِرُهُ وَلَا وَجْهَ لَهُ وَالْعَمَلُ عَلَى خِلَافِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يُرَادَ بِالسَّفَرِ مَا فِيهِ خَوْفٌ كَالْجِهَادِ مَعَ أَنَّ الْجِهَادَ يُرَادُ بِهِ الشَّهَادَةُ، وَمِثْلُهُ الدُّخُولُ فِيمَا يُخَافُ فِي الْحَضَرِ كَإِطْفَاءِ حَرِيقٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلِهَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي الْمَدِينِ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ الْغَرِيمِ.

وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ فِي

(2/ 39)

الرَّجُلِ يَغْزُو وَلَهُ وَالِدَةٌ قَالَ إذَا أَذِنَتْ لَهُ وَكَانَ لَهُ مَنْ يَقُومُ بِأَمْرِهَا وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد يَظْهَرُ سُرُورُهَا قَالَ: هَلْ تَأْذَنُ لِي قَالَ إنْ أَذِنَتْ لَك مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ فِي قَلْبِهَا وَإِلَّا فَلَا تَغْزُ وَقَالَ الْمَيْمُونِيُّ: قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ فَرْضٌ قَالَ لَا أَدْرِي قُلْت: فَمَالِكٌ قَالَ: وَلَا أَدْرِي قُلْت: فَتَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا قَالَ فَرْضٌ قَالَ: لَا أَعْلَمُهُ قُلْت: مَا تَقُولُ أَنْتَ فَرْضٌ قَالَ: فَرْضٌ؟ هَكَذَا وَلَكِنْ أَقُولُ وَاجِبٌ مَا لَمْ يَكُنْ مَعْصِيَةً.

ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} وَقَالَ {: أَنْ اُشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْك}.

قَالَ الْمَيْمُونِيُّ قَالَ: عَلِيٌّ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ {سَأَلْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الصَّلَاةُ لِأَوَّلِ وَقْتِهَا وَبِرُّ الْوَالِدَيْنِ} وَيَقُولُ فِي الْجِهَادِ: {الْزَمْهَا فَإِنَّ الْجَنَّةَ عِنْدَ رِجْلَيْهَا} وَيَقُولُ: {ارْجِعْ فَأَضْحِكْهُمَا مِنْ حَيْثُ أَبْكَيْتَهُمَا} قُلْت: فِيهِ تَغْلِيظٌ مِنْ كِتَابٍ وَسُنَّةٍ قَالَ: نَعَمْ.

وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي كِتَابِ الْإِجْمَاعِ قَبْلَ السَّبَقِ وَالرَّمْيِ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ بِرَّ الْوَالِدَيْنِ فَرْضٌ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ بِرَّ الْجَدِّ فَرْضٌ، كَذَا قَالَ، وَمُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَاجِبٌ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير