تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[من فوائد وفرائد"مفاتيح الفقه الحنبلي"أسباب قلة اتباع المذهب الحنبلي في بعض الأمصار]

ـ[أحمد بوادي]ــــــــ[31 - 10 - 06, 08:50 م]ـ

السلام عليكم

كنت قد انتهيت منذ وقت من قراءة كتاب " مفاتيح الفقه الحنبلي " تأليف الدكتور سالم الثقفي

ومن عادتي تقييد فوائد ما قرأته، وعند مراجعتي لذلك التقييد من الفوائد وجدت من المناسب نفع اخواني بنقل بعض ما قيدته من فوائد ومنها:

أسباب قلة اتباع المذهب الحنبلي في بعض الأمصار

هناك أسباب تضافرت وقللت من انتشار المذهب الحنبلي في بعض الأمصار إذا قورن بغيره من بقية المذاهب الأربعة المعتبرة حيث لم يكن انتشاره متناسبا مع قوة رجاله واتساع الاستنباط فيه واطلاق فقهائه حرية الاجتهاد لأهله فقد كان اتباع المذهب من العامة قليل حتى انهم لم يكونوا سواد الشعب في أي إقليم من الأقاليم إلا ما كان من أمرهم في بغداد ونواحيها خلال صدر نشأة المذهب هناك وفي نجد بعد ذلك، ثم في كثير من أنحاء الجزيرة العربية بعد سيادة حكم الآسرة السعودية في تلك الجزيرة

هذا بالرغم من انه ظل يمثل المذاهب الأربعة ومنها المذهب الحنبلي قضاة رسميون في كل الأمصار الإسلامية إلى قيام الدولة العثمانية فلما امتد سلطان هذه الدولة أصاب المذهب الحنبلي ضربة قاضية

واخذ اتباع هذا المذهب منذ ذلك الوقت يتضاءلون شيئا فشيئا من العراق والشام

ولو انه كان يعتبر عصرا هاما من عناصر مذهب أهل السنة في البقاع المتفرقة التي ظهر فيها

واما أسباب قلة اتباعه إذا قيس بغيره إلى جانب الأسباب المتعمدة للتقليل منهم فمنها:

أولا: ما يصد ق عليه قول بعض المؤرخين انه جاء بعد إن احتلت المذاهب الثلاثة التي سبقته في الأمصار الإسلامية قلوب اكثر العامة فكان في اكثر نواحي العراق مذهب أبى حنيفة وفي مصر المذهب الشافعي والمالكي وفي المغرب والأندلس المذهب المالكي بعد مذهب الاوزاعي

والمؤلف يشير بهذا إلى الظاهرة النفسية الوحيدة عند البشر التي عبر عنها الشاعر بقوله

وينشا ناشئ الفتيان منا ......... على ما كان عودوه أبوه

ولكن رغم تمكن هذه الظاهرة النفسية من نفوس الجماهير من المسلمين في بعض الأمصار إلا انه في اكبر مدن الإسلام ـ يومئذ بغداد ـ قد رأينا أن مذهب الأمام احمد جذبهم بما استمالهم به من قوة الإقناع وجلاء الوضوح في مرئياته

ثانيا: انه لم يكن منه قضاة. والقضاة إنما ينشرون المذهب الذي يتبعونه فأبو يوسف ومن بعده محمد بن الحسن رحمهما الله نشرا المذهب العراقي وخصوصا آراء أبى حنيفة وتلاميذه وسحنون نشر المذهب المالكي وعمل على نشره أيضا الحكم الأموي في الأندلس ولم ينل المذهب الحنبلي تلك الحظوة ألا في بغداد أيام شاته وألا في الجزيرة العربية أخيرا وفي الشا م وقتا من الزمن

ثالثا: شدة الحنابلة على أهل البدع والضلالات وتمسكهم بالأمر عن الوقوع في المأثم واتباعا منهم لاصلهم الذي تمسكوا به اكثر من سواهم وهو سد الذرائع

وفي هذا الصد د حكى ابن الأثير قصة ما حصل منهم في سنة 323 هجري حينما قويت شوكتهم فصاروا يكبسون على دور القواد والعامة فان وجدوا نبيذا أراقوه وان وجدوا مغنية ضربوها وكسروا آلة اللهو حتى ارهجوا بغداد

وهناك في رأيي سبب أقوى من كل ذلك يمكن إجماله:

في أن الأكابر من اتباعه حين يبلغون درجة الإمامة يستبد بهم الورع عن إغراء الناس بمغريات الدنيا التي تجتذبهم إلى تمجيد المذهب في عيون العامة والسواد العام اكتفاء بعنصر الإقناع المتجسد في منهج المذهب الحنبلي

في حين إن ذلك ليس بكاف في نظر السواد الأعظم الذين لم يبلغوا درجة أدراك التميز بين المناهج ولو أخذنا لذلك مثالا أو شبهه فان لقصة الخطيب البغدادي صاحب تاريخ بغداد مغزى قريبا من ذلك وقصة تقسيم القاضي أبى يوسف ثروته الضخمة أرباعا بين أهل بغداد ومكة وغيرهما فيها دلالة ذات مغزى من جهة استمالة الناس وإغرائهم بالتمسك ببعض المذاهب فضلا عن الضغوط التي مارستها الدولة العثمانية على اتباع المذهب الحنبلي حتى تلاشوا من موطنه ألأم أولا بغداد ونواحيها ثم الشام وغيرهما من البلاد الأخرى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير