الثانية: أن يقل وان لم يزل بجملته
الثالثة: أن يخلفه ما هو مثله
الرابعة: أن يخلفه ما هو شر منه
فالدرجتان الأوليتان مشروعتان، والثالثة موضع اجتهاد، والرابعة محرمة.
ومما لا شك فيه أن تغيير هذا المنكر باليد إنما يكون من الرابعة وهي محرمة
أما التغيير باللسان
وهذا ما ندعوا إليه ونراه واجبا على الدعاة عمله وهذا ما قاموا به حفظهم الله إلا أن الطريقة التي سلكوها كانت محل نظر بين مؤيد ومعارض
فكانت البداية إنكارا للمنكر من خارج هذه المحطات ولا نعلم أحدا قد أنكر على هؤلاء
إنكارهم لتلك المحطات من خارجها إلا من نتهمه في دينه وعدله ثم تعدى الأمر لذلك إلى أن رأيناهم يخرجون لنا من داخل تلك المحطات الهابطة ويظهرون على شاشاتها، فكانت الصدمة الكبيرة لكثير من الناس لقد رأينا الشيخ الفلاني والفلاني يخرج من المحطة الفلانية كيف يفعل هذا وكان يدعونا إلى عدم النظر إلى تلك المحطات وينهانا النظر إليها
أقول:
إن هذا حق لا باطل فيه وإلا فكيف يأمرك الله ورسوله على إزالة المنكر وتكون ممن يعمل على بقاء ذلك المنكر بالمشاركة من نفس المكان الذي يبث فيه أهل الفسق والعصيان منكرهم، ومن ثم تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتجالس أهل المنكر وتخالطهم إذا علم أن برامج طلاب العلم في تلك المحطات هو استمرار لها فأين المنكر الذي يريدون دفعه ليحل مكانه المعروف وهل غيروا شيئا من وجودهم في تلك المحطات من تلك المنكرات
قال تعالى مخبرا عن بني إسرائيل
(كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون)
عن ابن مسعود رضي الله عنه انه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(أن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل كان الرجل أول ما يلقى الرجل فيقول يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فانه لا يحل لك ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض) ثم قال (لعن الذين كفروا من بني إسرائيل عل لسان داود وعيسى ابن مريم 000000)
ثم قال (كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر 000000)
قال القرطبي:
(وفي الآية دليل على النهي عن مجالسة المجرمين وأمر بتركهم وهجرانهم)
فانظر أخي بارك الله فيك وعليك كيف كان هؤلاء المشايخ حفظهم الله يقولون بحرمة هذه المحطات لما يظهر فيها من المعاصي وينكرون على القائمين عليها والعاملين فيها ثم يجالسونهم ويعملوا معهم البرامج ويخرجون من خلال برامجهم التي تعد من أماكن ظهور الفساد والمعصية والعياذ بالله
وانظر أخي حفظك الله كيف نهى الله عز وجل رسوله محمد صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في مسجد الضرار لأنه مكان يعصى الله فيه
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في القول المفيد شرح كتاب التوحيد
(أنه لما كان مسجد الضرار مما اتخذ للمعاصي ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين نهى الله رسوله أن يقوم فيه مع أن صلاته فيه لله، فدل على أن كل مكان يعصى الله فيه انه لا يقام فيه فهذا المسجد متخذا للصلاة لكنه محل معصية فلا تقام فيه الصلاة)
قلت:
وتلك المحطات إنما هي أماكن لنشر الرذيلة يعصى الله فيها فلا تتخذ أبدا أماكن للدعوة
إلى ا لله عز وجل مع بقائها على ما هي عليه من قبل أن يزال المنكر الذي فيه حيث أن طلبة العلم حفظهم الله لم يقتصر أمرهم فيها على إنكار المنكر الذي وقع فيه،هؤلاء بل أنى لا اعلم أن خرج طلاب العلم هؤلاء من خلال تلك المحطات وقالوا بحرمة البرامج التي تبث من خلالها وان حصل فقليل هم لا يفي بالغرض المطلوب فأين المنكر الذي دفعوه وما كان الدخول عليهم إلا من اجله فاخذوا يتكلموا بأمور أخرى خارجة عن المنكر الذي ينبغي أن يأمروا على إزالته.
يقول النووي في شرح مسلم:
(إن سمع أصوات الملاهي المنكرة من دارٍ، أنكرها خارج الدار، لان المنكر ظاهر وليس عليه أن يكشف عن الباطن)
وحال تلك المحطات ظاهر ولا يحتاج أن يدخل فيها من اجل إنكارها خاصة إذا علمنا ما للدخول فيها من نتائج سيئة
وانظر بارك الله فيك عمن سأل الرسول صلى الله عليه وسلم أن يذبح إبلا ببوانة فقال: (هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد) قالوا لا. قال: (فهل كان فيها عيد من أعيادهم) قالوا: لا. فقال (أوف بنذرك 000)
¥