[الحسنات بعد الممات]
ـ[أبو ناصر المكي]ــــــــ[15 - 11 - 06, 10:35 م]ـ
* الحسنات بعد الممات *
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:.
لو سئل أحد منا: ما الحسنات التي يمكن أن تتوالى عليه وهو نائم في بيته؟ أو ما الحسنات التي يمكن أن تتوالى عليه وهو منشغل في عمله أو تجارته؟ أو ما الحسنات التي يمكن أن تتوالى عليه وهو يلعب مع أطفاله؟
بل ما الحسنات التي يمكن أن تتوالى عليه وهو ميت في قبره رهين عمله؟ - وكلنا ذاك الرجل نسأل الله حسن الخاتمة للجميع - إنها آثار الخير التي ذكرت في قوله تعالى (إنا نحن نحى الموتى ونكتب ما قدموا وءاثارهم وكل شئ أحصيناه في إمام مبين) " يس:11" يقول الشيخ ابن سعدي رحمه الله في تفسير هذه الآية (ما قدموا):من الخير والشر وهو أعمالهم التي عملوها وباشروها في حال حياتهم.
(وءاثارهم): آثار الخير وآثار الشر التي كانوا هم السبب في إيجادها في حياتهم وبعد وفاتهم وتلك الأعمال التي نشأت من أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم.
فكل خير عمل به أحد من الناس بسبب علم العبد وتعليمه أو نصحه أو أمره بالمعروف أو نهيه عن المنكر أو علم أو دعه عند المتعلمين أو في كتب ينتفع بها في حياته وبعد موته أو عمل خيرا من صلاة أو زكاة أو صدقة أو إحسان فاقتدى به غيره أو عمل مسجدا أو ملا من المحال التي يرتفق بها الناس وما أشبه ذلك فإنها من آثارهه التي تكتب له , وكذلك عمل الشر. ولهذا (من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة).
وهذا الموضع يبن لك علو مرتبة الدعوة إلى الله والهداية إلى سبيله بكل وسيلة وطريق موصل إلى ذلك ونزول درجة الداعي إلى الشر الإمام فيه وأنه أسفل الخليقة وأشدهم جرما وأعظمهم إثما. إنتهى كلامه رحمه الله.ولنضرب أمثلة على آثار الخير التي يمكن لكثير من الناس أن يحصل عليها وربما استمر أجرها مئات السنين أو إلى قيام الساعة وفضل الله واسع سبحانه وتعالى فمن ذلك:.
* آثار حسنة سببها الكلام مثل:
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهو في حد ذاته عمل صالح تقدمه لنفسك وواجب شرعي تؤديه لربك قال تعالى (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولائك هم المفلحون) "آل عمرن:104"
فإن استجاب لك المأمور في فعل الطاعة أو ترك المعصية فلك مثل أجره لا ينقص من أجره شيئا.
فإن استمر الأجر والثواب لك مثل ما له. وربما كان لذلك المأمور بالطاعة أو ترك المعصية بعد استجابته للخير أثر طيب على آخرين فلك مثل أجورهم لا ينقص من أجورهم شيئا وهكذا يتسلسل الخير والثواب. وفي الحديث الصحيح قول الرسول صلى الله عليه وسلم " من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل من تبعه لا ينقص ذلكمن آثارمهم شيئا"رواه مسلم.
ومن القواعد العظيمة قول الرسول صلى الله عليه وسلم " من دل على خير فله مثل أجر فاعله". رواه مسلم.
ومن الأمثلة أيضا: أنه حينما يقترح الإنسان على آخر عمل مشروع خيري فله مثل أجره فلو اقترح إنشاء مركز إسلامي يتكون من مسجد جامع ومكتبة ومغسلة أموات وفصول دراسية بتكلفة خمسمائة ألف ريال مثلا لكان للمقترح مثل أجر
المتصدق من غير أن ينقص من أجره شيئا. بل ربما أن هذا المقترح لا يستطيع أن يتصدق بربع هذا المبلغ.
وهناك مثال اجتماعي: الأمة بأمس الحاجة إليه وهو: السعي في زواج الأقارب أو غيرهم ذكورا أو إناثا - بأي طريقة مباحة مباشرة أو غير مباشرة - وخاصة في ظل تأخر الزواج لدى الجنسين فالزواج عبادة وبسببه تحصل عبادات أخرى
فهو ستر لعورات المسلمين وكف لشر عظيم وبسببه تنشأ ذرية صالحة تعبد الله تعالى وقد ينفع الله بهم الأمة في أي مجال من المجالات المهمة.
¥