عن أبي مسعود الأنصاري البدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تجزي صلاة لا يقيم فيها الرجل صلبه في الركوع والسجود ". رواه الترمذي (265) وقال: حسن صحيح، والنسائي (1027) وأبو داود (855) وابن ماجه (870).
قال الإمام الترمذي:
والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم يرون أن يقيم الرجل صلبه في الركوع والسجود.
وقال الشافعي وأحمد وإسحاق: مَن لم يُقم صلبَه في الركوع والسجود: فصلاته فاسدة لحديث النبي صلى الله عليه وسلم " لا تجزي صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود ". " سنن الترمذي " (2/ 52).
عن أبي وائل عن حذيفة رأى رجلاً لا يتمُّ ركوعه ولا سجوده فلمَّا قضى صلاته قال له حذيفة: ما صليتَ، قال: وأحسبه قال: لو مُتَّ مُتَّ على غير سنَّة محمد صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري (382).
وفي رواية أخرى (758): عن زيد بن وهب قال: رأى حذيفةُ رجلاً لا يتم الركوع والسجود قال: ما صليتَ ولو مُتَّ مُتَّ على غير الفطرة التي فطر الله محمَّداً صلى الله عليه وسلم عليها.
ولا بدَّ من تمكين الجبهة والأنف في السجود من الأرض.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أُمرت أن أسجد على سبعة أعظم على الجبهة - وأشار بيده على أنفه - واليدين والركبتين وأطراف القدمين ولا نكفت الثياب والشعر ". رواه البخاري (779) ومسلم (490).
ولا مانع من إطالة السجود خاصة إذا كان منفرداً أو في صلاة الكسوف أو قيام الليل.
عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى صلاة الكسوف فقام فأطال القيام ثم ركع فأطال الركوع ثم قام فأطال القيام ثم ركع فأطال الركوع ثم رفع ثم سجد فأطال السجود ثم رفع ثم سجد فأطال السجود ثم قام فأطال القيام ثم ركع فأطال الركوع ثم رفع فأطال القيام ثم ركع فأطال الركوع ثم رفع فسجد فأطال السجود ثم رفع ثم سجد فأطال السجود ثم انصرف .. ". رواه البخاري (712).
وعن حذيفة قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة فقلت: يركع عند المائة ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة فمضى، فقلت: يركع بها ثم افتتح النساء فقرأها ثم افتتح آل عمران فقرأها يقرأ مترسلا إذا مر بآية فيها تسبيح سبح وإذا مر بسؤال سأل وإذا مر بتعوذ تعوذ ثم ركع فجعل يقول سبحان ربي العظيم فكان ركوعه نحوا من قيامه ثم قال سمع الله لمن حمده ثم قام طويلا قريبا مما ركع ثم سجد فقال سبحان ربي الأعلى فكان سجوده قريبا من قيامه. رواه مسلم (772).
والسنَّة في السجود الاعتدال فيه كما جاء عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اعتدلوا في السجود ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب ". رواه البخاري (788) ومسلم (493).
قال الشيخ ابن عثيمين حفظه الله:
أي: اجعلوه سجوداً معتدلاً، لا تهصرون فينزل البطن على الفخذ، والفخذ على الساق ولا تمتدون أيضاً كما يفعل بعضُ النَّاس إذا سجد، يمتد حتى يقرب مِن الانبطاح، فهذا لا شكَّ أنَّه مِن البدع وليس بسنَّةٍ، فما ثبت عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة فيما نعلم أنَّ الإنسانَ يمدُّ ظهره في السجود، إنَّما مَدُّ الظهر في حال الركوع، أما السجود فإنَّه يرتفع ببطنه ولا يمده.
" الشرح الممتع " (3/ 168).
فإذا جاء المصلي بما أمره به النبي صلى الله عليه وسلَّم وكان يسجد على تراب أو شيء خشن، فإنه قد تحدث له علامة على جبهته، وهذا شيء قد يورث في النفس الفخر والخيلاء كما في السؤال، لكن من كان قلبه مطمئناً بالإيمان، ولا يريد بفعله إلا ما عند الله فلا يهمه ما يقوله الناس، وأما من يتعمّد إحداث شيء في جبهته حتى يصير فيها كهيئة علامة السجود فهذا من المراءاة والكذب فويل له من عذاب يوم أليم.
وأمّا عن قوله تعالى: (تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) الفتح/آية 29
فالراجح في تفسير سيماهم في وجوههم هو نور الطاعة والعبادة وليس بالضرورة أن يكون هذه العلامة من خشونة الجلد في موضع السجود
¥