تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الإنسانية عرض الحائط من أجل الشهرة وحب المال. يمارس صاحب هذه القناة ما يسميه بالرقية الشرعية ورغم أن الرقية الشرعية لها شروط وضوابط معينة حددها علماء الشريعة الإسلامية إلا أن صاحبنا هذا الذي يطلق على نفسه لقب (سماحة الشيخ الدكتور) هو المعد وهو القارئ وهو المخرج وهو الكل في الكل في هذه القناة، بل إن صورته هي الصورة الوحيدة التي تظهر في هذه القناة على مدى أربع وعشرين ساعة متواصلة، بل إن رقيته الخاصة فيه هي رقية قادرة على علاج جميع الأمراض والعلل البدنية والنفسية كما يقول ويدعي أنها تناسب جميع المشاهدين مهما اختلفت أمراضهم وأعمارهم وأجناسهم وأماكن إقامتهم ومستواهم العقلي والذهني.

إنني استغرب بالفعل كيف يتجرأ إنسان ويدعي أن لديه القدرة على علاج الأمراض المستعصية؟ هكذا بكل بساطة ضارباً عرض الحائط بجميع الأبحاث العلمية في هذا المجال وناسفاً جهود المراكز العلمية، أليس من الأولى لعلماء الطب والباحثين أن يتجهوا صوب هذا الشخص ويتركوا مراكز أبحاثهم وموفرين جهودهم ووقتهم الثمين وميزانياتهم الضخمة لو كان العلاج بهذه البساطة كما يدعي هذا الشخص المريب في أمره؟ ببساطة شديدة فلنغلق المراكز العلمية وليتجه العلماء نحو الحارات المزدحمة والغرف الضيقة والأحياء الشعبية لدى مشعوذينا لعلهم يجدون العلاج الشافي للأمراض التي حيرتهم عقوداً من الزمن.

إنه لمن المؤسف بالفعل أن يتلاعب مثل هذا الشخص بشعور الملايين من المرضى والمحتاجين، ونحن نعرف أن المريض هو إنسان مسكين مغلوب على أمره يستحق منا الشفقة والرحمة والمساعدة باحثاً عن الأمل في الشفاء من مرضه، فأنا أبداً لا ألقي باللوم على المريض فهو من يعاني ويقاسي العذاب وربما قد يكون مصاباً بمرض لا يوجد له علاج أو لا يرجى برؤه فلا يجد أمامه إلا أن يتعلق بأي خيط للنجاة مهما كان ذلك الخيط.

ولكنني أضع المسؤولية المباشرة بالدرجة الأولى على الجهات الرسمية في البلد التي غضت الطرف عن ممارساته غير النظامية كما أضع اللوم بشكل مباشر على المسؤولين عن القمر الصناعي الذي سمحوا لبث هذه القناة عبر قمرهم متناسين الكارثة الكبرى التي حلت على ملايين المرضى من خلال متابعة هذه القناة الغريبة، ولهذا فلا بد من المسؤولين عن هذا القمر الصناعي تدارك خطئهم وإيقاف بث هذه القناة فوراً، رحمة ولطفاً للمرضى وأن تكون صحة الناس لدى أصحاب القمر الصناعي أهم بكثير من مبلغ الإيجار السنوي الذي يتقاضونه مقابل السماح للقناة بالبث الفضائي وإلا فإنهم مشتركون في الترويج لمثل هذه الأكاذيب والطرق غير الشرعية ويتحملون المسؤولية الكاملة المترتبة عن ذلك، فعندما يشاهد المريض مثل هذه القناة وهذه القائمة الطويلة من الأرقام الهاتفية التي تدغدغ مشاعره وتلهب عاطفته وتعزف على جراحه وتوهمه بالشفاء السريع والتام فليس أمامه إلا القيام بالاتصال بتلك القناة المشبوهة ويكون أول طلب يطلبه صاحب تلك القناة من المريض هو تحويل مبلغ مادي معين في حسابه البنكي وبعد ذلك يوهمه بأنه سوف يقوم بإرسال الدواء له بالبريد، وحتى المرضى الذين تكبدوا عناء السفر للذهاب لمركزه الطبي لم يجدوا الشخص المطلوب ووجدوا بدلاً عنه مجموعة من الأطباء المتهالكين وبعض السكرتيرات المترهلات من أجل الرد على مكالمات الزبائن، أما صاحبنا (سماحة الشيخ الدكتور) فهو مختف عن الأنظار لأنه مشغول بمراجعة المحاكم بسب كثرة الشكاوى التي أقيمت ضده من مرضى تعرضوا لعمليات نصب واحتيال وتضرروا على يديه.

لقد فعلت خيراً وزارة الصحة السعودية عندما حذرت من هذا الشخص في أكثر من مناسبة وجميعنا يتذكر تلك البيانات الوزارية التي وضعت النقاط على الحروف وكشفت حقيقة المذكور وساهمت في توعية الناس وتحذيرهم من مخاطر تصديق مثل تلك القنوات المريبة وقالت الوزارة في بيانها بأن ذلك الشخص لا يحمل المؤهلات العلمية التي تثبت بأنه طبيب علاوة على أنه ليس لديه أية موافقة أو ترخيص بمزاولة المهنة من وزارة الصحة، كما أنه يقوم بتحضير وبيع خلطات شعبية ثبت أنها غير آمنة وقد تسبب مضاعفات خطيرة وطريقة تحضيرها غير علمية ولا تخضع للرقابة ومعايير جودة التصنيع الدوائي فضلاً عن أنها غير مجازة وغير مرخصة من الوزارة ولم يتقدم بطلب تسجيلها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير