وقال المنذري: " إسناده حسن " (81).
وقال الهيثمي: " إسناده حسن " (82).
وقال المباركفوري: " لا شك في أنه يصلح للإستشهاد " (83).
الدليل الثالث: أقوال وآثار عن الصحابة:
وقد قدمنا فيما سبق أن من كبار الصحابة من ذهب إلى وجوب زكاة الحلي، ومنهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، ومنهم أكثر العبادلة: عبدالله بن عمر، وعبدالله بن عمرو، وعبدالله بن عباس. كما أنه قول ابن مسعود وقول لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
كما ذهب أكثر العلماء إلى عدم وجوب زكاة الحلي، وهو مروي عن بعض الصحابة والتابعين وأتباعهم والأئمة الثلاثة وهو قول: " عبدالله بن عمر، وجابر بن عبدالله، وأنس بن مالك، وعائشة، وأسماء. وهو قول: القاسم، والشعبي، وقتادة، ومحمد بن علي، وعمرة. وهو قول: مالك، والشافعي، وأبي عبيد، واسحاق، وأبي ثور " (84).
قال النووي: " والأصح لا زكاة فيه، صححه الماوردي والرافعي وآخرون. وقطع به القاضي أبو الطيب " (85).
وقال عبد الله بن الإمام أحمد: " سألت أبي عن الحلي، هل فيه زكاة؟ فقال: إذا كان يُعار أو يُلبس أرجوا أن لا يكون فيه زكاة، قال: الحلي يعار ويلبس - يعني زكاته " (86).
قال ابن القيم: " وما هو معدٌ للإنتفاع دون الربح والتجارة كحلية المرأة وآلات السلاح التي يجوز استعمال مثلها، فلا زكاة فيه " (87).
وقال الإمام الشافعي: " وقد قيل في الحلي صدقة وهذا ما استخير الله عز وجل فيه، قال الربيع: قد استخار الله عز وجل فيه، أخبرنا الشافعي: وليس في الحلي زكاة " (88).
ورجح هذا القول الشوكاني , وأورد أقوال القائلين بوجوب الزكاة وردها (89).
استدلوا بما يأتي
1 - ما روي عن جابر بن عبدالله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ليس في الحلي زكاة ". رواه ابن الجوزي في التحقيق (90).
قال البيهقي: " باطلٌ لا أصل له إنما يروى عن جابر من قوله وعافية بن أيوب مجهول " (91).
وأورده الشوكاني في الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة ثم قال: باطل (92).
وقال المباركفوري: حديث باطل لا أصل له (93).
وقال الألباني: باطل (94).
2 - ما ورد عن كثير من الصحابة، أنه ليس في الحلي زكاة، وقد تقدم ذكر بعضهم فيما سبق.
ويرد عليه: أنه قد ورد عن غيرهم ما يفيد وجوب زكاة الحلي وهم أئمة الصحابة وأعلمهم كابن عمر وابن مسعود وابن عباس وعمر بن الخطاب، وعائشة وعبد الله بن عمر، كما أنه لا يحتج بقول الصحابة على بعضهم إن اختلفوا.
3 - القياس:
وهو أن الحلي معدٌ للإستعمال المباح، فلم تجب فيه الزكاة كالعوامل وثياب القنية والأحجار الكريمة وغيرها.
ويرد عليه ما ذكره ابن حزم في المحلى قال:
" قلنا لهم: فاسقطوا بهذه العلة نفسها الزكاة عن الإبل المتخذة للركوب والسني والحمل والطحن وعن البقر المتخذة للحرث ". وقد أطال ابن حزم رد هذه العلة في كتابه القيم " (95).
كما يرد عليه: أنه لا اجتهاد في معرض النص. وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم عددٌ من الأحاديث القاضية بوجوب زكاة الحلي.
4 - ضعف أحاديث وجوب زكاة الحلي:
ويرد عليه أنه قد صح منها أربعة أحاديث على الأقل كما تقد. وقد صححها كبار علماء الحديث. ومنها ما لا خلاف يُذكر في تصحيحهم عنهم، ومن هؤلاء العلماء: الزيلعي وابن حجر وأبي داود والحاكم والذهبي والنووي وابن القطان وابن الملقن وابن دقيق العيد .... إلخ.
خاتمة وترجيح
إن الناظر المتمعن في أقوال الأئمة والعلماء في حكم زكاة الحلي وفي أدلتهم، يرى وجوب زكاة الحلي المباح وذلك لأمورٍ:
1 - عموم الأدلة القاضية بوجوب الزكاة في الذهب والفضة تتضمن حلي المرأة.
2 - صحة الأدلة من السنة النبوية في وجوب زكاة الحلي، وتصحيح كبار الأئمة والعلماء والمحدثين والمحققين لها قديماً وحديثاً.
3 - مذهب كبار الصحابة رضوان الله عليهم وأكثرهم فتيا، وجوب زكاة الحلي ومنهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وقول لعائشة وابن مسعود وابن عمر وابن عمرو وابن عباس.
4 - ضعف أدلة القائلين بعدم زكاة الحلي كما قدمنا واستدلالهم بالقياس والآثار، في حين استدل الموجبون لزكاة الحلي بالأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
¥