تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكلماته سلام من الكذب والظلم بل تمت كلماته صدقا وعدلا. وغناه سلام من الحاجة إلى غيره بوجه ما بل كل ما سواه، محتاج إليه وهو غني عن كل ما سواه وملكه سلام من منازع فيه أو مشارك أ, معاون مظاهر أو شافع عنده بدون إذنه. وإلهيته سلام من مشارك له فيها، بل هو الله الذي لا إله إلا هو. وحلمه وعفوه وصفحه ومغفرته وتجاوزه سلام من أن تكون عن حاجة منه أو ذلك أو مصانعة كما يكون من غيره بل هو محض جوده وإحسانه وكرمه.

وكذلك عذابه وانتقامه وشدة بطشه وسرعة عقابه سلام من أن يكون ظلما أو تشفيا أو غلظة أو قسوة بل هو محض حكمته وعدله ووضعه الأشياء مواضعها وهو مما يستحق عليه الحمد والثناء كما يستحقه على إحسانه وثوابه ونعمه، بل لو وضع الثواب موضع العقوبة لكان مناقضا لحكمته ولعزته، فوضعه العقوبة موضعها هو من عدله وحكمته وعزته فهو سلام مما يتوهم أعداؤه والجاهلون به من خلاف حكمته.

وقضاؤه وقدره سلام من العبث والجور والظلم، ومن توهم وقوعه على خلاف الحكمة البالغة. وشرعه ودينه سلام من التناقض والاختلاف والاضطراب وخلاف مصلحة العباد ورحمتهم والإحسان إليهم وخلاف حكمته، بل شرعه كله حكمة ورحمة ومصلحة وعدل.

وكذلك عطاؤه سلام من كونه معاوضة أو لحاجة إلى المعطى. ومنعه سلام من البخل وخوف الإملاق، بل عطاؤه إحسان محض لا لمعاوضة ولا لحاجة، ومنعه عدل محض وحكمة لا يشوبه بخل ولا عجز.

واستواؤه وعلوه على عرشه سلام من أن يكون محتاجا إلى ما يحمله أو يستوي عليه، بل العرش محتاج إليه وحملته محتاجون إليه فهو الغني عن العرش، وعن حملته، وعن كل ما سواه فهو استواء وعلو لا يشوبه حصر ولا حاجة إلى عرش ولا غيره ولا إحاطة شيء به سبحانه وتعالى، بل كان سبحانه ولا عرش، ولم يكن به حاجة إليه وهو الغني الحميد، بل استواؤه على عرشه واستيلاؤه على خلقه من موجبات ملكه وقهره، من غير حاجة إلى عرض ولا غيره بوجه ما، ونزوله كل ليلة إلى سماء الدنيا سلام مما يضاد علوه وسلام مما يضاد غناه.

وكماله سلام من كل ما يتوهم معطل أو مشبه، وسلام من أن يصير تحت شيء أو محصورا في شيء، تعالى الله ربنا عن كل ما يضاد كماله، وغناه وسمعه وبصره، سلام من كل ما يتخيله مشبه أو يتقوله معطل.

وموالاته لأوليائه سلام من أن تكون عن ذلك كما يوالي المخلوق المخلوق بل هي موالاة رحمة وخير وإحسان وبر، كما قال: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً} [الإسراء: 111]، فلم ينف أن يكون له ولي مطلقا، بل نفى أن يكون له ولي من الذل. وكذلك محبته لمحبيه وأوليائه سلام من عوارض محبة المخلوق للمخلوق من كونها محبة حاجة إليه، أو تملق له أو انتفاع بقربه، وسلام مما يتقوله المعطلون فيها، وكذلك ما أضافه إلى نفسه من اليد والوجه فإنه سلام عما يتخيله مشبه أو يتقوله معطل.

فتأمل كيف تضمن اسمه السلام كل ما نزه عنه تبارك وتعالى، وكم ممن حفظ هذا الاسم لا يدري ما تضمنه من هذه الأسرار والمعاني، والله المستعان المسؤول أن يوفق للتعليق على الأسماء الحسنى، على هذا النمط، إنه قريب مجيب.

هل (السلام) مصدر أو اسم مصدر؟

وأما السؤال الثاني وهو هل السلام مصدر أو اسم مصدر؟ فالجواب: أن السلام الذي هو التحية اسم مصدر من سلم، ومصدره الجاري عليه تسليم، كعلم تعليما، وفهم تفهيما، وكلم تكليما، والسلام من سلم كالكلام من كلم.

فإن قيل: وما الفرق بين المصدر والاسم؟

قلنا: بينهما فرقان: لفظي ومعنوي. أما اللفظي فإن المصدر هو الجاري على فعله الذي هو قياسه كالأفعال من أفعل، والتفعيل من فعل، والانفعال من انفعل، والتفعلل من تفعلل ... وبابه.

وأما السلام والكلام فليسا بجاريين على فعليهما، ولو جريا عليه لقيل تسليم وتكليم.

وأما الفرق المعنوي فهو أن المصدر دال على الحدث وفاعله فإذا قلت: تكليم وتسليم وتعليم ... ونحو ذلك دل على الحدث، ومن قام به، فيدل التسليم على السلام والمسلم، وكذلك التكليم والتعليم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير