تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ألا ترى أن الخلق إذا راموا دخول باب مدينة، أو حصن وعجزوا، ولم يمكنهم فتحه حتى جاء رجل ففتحه لهم أحوج ما كانوا إلى فتحه كان في ذلك من ظهور سيادته، عليهم وفضله وشرفه ما لا يعلم لو جاء هو وهم فوجدوه مفتوحاً، وقد خرجنا عن المقصود وما أبعدنا، ولا تستطل هذه النكت، فإنك لا تكاد تجدها في غير هذا التعليق ... والله المان بفضله وكرمه.

فصل: إذا سلم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم

وأما السؤال التاسع عشر: وهو دخول الواو في قوله صلى الله عليه وسلم: ، فقد استشكلها كثير من الناس، كما ذكر في السؤال وقالوا: الصواب حذفها، وأن يقال: عليكم، قال الخطابي: يرويه عامة المحدثين بالواو، و ابن عيينة يرويه بحذفها، وهو الصواب.

395

وذلك أنه إذا حذف الواو صار قولهم الذي قالوا بعينه مردوداً عليهم، وبإدخال الواو يقع الاشتراك معهم والدخول فيما قالوه، لأن الواو حرف العطف والاجتماع بين الشيئين. قلت: معنى ما أشار إليه الخطابي: إن الواو في مثل هذا تقتضي تقرير الجملة، وزيادة الثانية عليها، كما إذا قلت: (زيد كاتب) فقال المخاطب: (وشاعر) فإنه يقتضي إثبات الكتابة له وزيادة وصف الشعر، وكذلك إذا قلت لرجل: (فلان محب لك) فقال: (ومحسن إلي).

*عدة أصحاب الكهف:

ومن هنا استنبط السهيلي في (الروض) أن عدة أصحاب الكهف سبعة، قال: لأن الله تعالى عطف عليهم الكلب بحرف الواو فقال: {وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُم} (الكهف: من الآية22) ولم يذكر الواو فيما قبل ذلك من كلامهم، والواو تقتضي تقرير الجملة الأولى وما استنبطه حسن غير أنه إنما يفيد إذا كان المعطوف بالواو ليس داخلاً في جملة قولهم بل يكون قد حكى سبحانه أنهم قالوا: سبعة، ثم أخبر تعالى أن ثامنهم الكلب فحينئذ يكون ذلك تقريراً لما قالوه وإخباراً يكون الكلب ثامناً، وأما إذا كان الإخبار عن الكلب من جملة قولهم، وأنهم قالوا: هذا وهذا لم يظهر ما قاله، ولا تقتضي الواو في ذلك تقريراً ولا تصديقاً .. فتأمله.

وأما قوله: المحدثون يروونه بالواو فهذا الحديث رواه عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ، قال أبو داود: وكذلك رواه مالك عن عبدالله بن دينار ورواه الثوري عن عبد الله بن دينار وقال فيه: وعليكم ... انتهى كلامه، وأخرجه الترمذي و النسائي كذلك ... ورواه مسلم وفي بعض طرقه فقل: عليك ولم يذكر الواو.

وحديث مالك الذي ذكره أبو داود وأخرجه البخاري في صحيحه، وحديث سفيان الثوري متفق عليه كلها بالواو. وأما ما أشار إليه الخطابي من حديث ابن عيينة فرواه النسائي في سننه بإسقاط الواو.

396

وإذا عرف هذا فإدخال الواو في الحديث لا تقتضي محذوراً البتة، وذلك لأن التحية التي يحيون بها المسلمين غايتها الإخبار بوقوع الموت عليهم وطلبه، لأن (السام) معناه الموت، فإذا حيوا به المسلم فرده عليهم كان من باب القصاص والعدل وكان مضمون رده أنا لسنا نموت دونكم، بل وأنتم أيضاً تموتون، فما تمنيتموه لنا حال بكم واقع عليكم.

وأحسن من هذا أن يقال: ليس في دخول الواو تقرير لمضمون تحيتهم، بل فيه ردها وتقريرها لهم أي ونحن أيضاً ندعو عليكم بما دعوتم به علينا، فإن دعاءهم قد وقع، فإذا رد عليهم المجيب بقوله: وعليكم، كان في إدخال الواو سر لطيف وهو الدلالة على أن هذا الذي طلبتموه لنا، ودعوتم به هو بعينه مردود عليكم لا تحية غيره، فإدخال الواو مفيد لهذه الفائدة الجليلة.

وتأمل هذا في مقابلة الدعاء بالخير إذا قال: غفر الله لك، فقال له: ولكن المعنى أن هذه الدعوة بعينها مني لك. ولو قلت: غفر الله لك، فقال: لك لم يكن فيه إشعار بأن الدعاء الثاني هو الأول بعينه فتأمله فإنه بديع جداً، وعلى هذا فيكون الصواب إثبات الواو كما هو ثابت في الصحيح والسنن.

فهذا ما ظهر لي في هذه اللفظة فمن وجد شيئاً فليلحقه بالهامش، فيشكر الله له وعباده سعيه. فإن المقصود الوصول إلى الصواب، فإذا ظهر وضع ما عداه تحت الأرجل. وقد ذكرنا هذه المسألة مستوفاة بما أمكننا في كتاب (تهذيب السنن).

فصل: اقتران الرحمة والبركة بالسلام

وأما السؤال العشرون: وهو ما الحكمة في اقتران الرحمة والبركة بالسلام؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير