تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويوازن بينه وبين القولين الآخرين أيهما أليق بالآيتين وأقرب إلى مقصود القرآن وأقوال السلف وأما تشبيه الكسائي له بقوله إن ربك لبالمرصاد فلا يخفى الفرق بينهما سياقا ودلالة فتأمله ولا يقال في التهديد هذا طريق مستقيم علي لمن لا يسلكه وليست سبيل المهدد مستقيمة فهو غير مهدد بصراط الله المستقيم وسبيله التي هو عليها ليست مستقيمة على الله فلا يستقيم هذا القول ألبتة وأما من فسره بالوجوب أي علي بيان استقامته والدلالة عليه فالمعنى صحيح لكن في كونه هو المراد بالآية نظر لأنه حذف في غير موضع الدلالة ولم يؤلف الحذف المذكور ليكون مدلولا عليه إذا حذف بخلاف عامل الظرف إذا وقع صفة فإنه حذف مألوف معروف حتى إنه لا يذكر ألبتة فإذا قلت له درهم على كان الحذف معروفا مألوفا فلو أردت علي نقده أو علي وزنه وحفظه ونحو ذلك وحذفت لم يسغ وهو نظير علي بيانه المقدر في الآية مع أن الذي قاله السلف أليق بالسياق وأجل المعنيين وأكبرهما وسمعت شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن تيمية رضي الله عنه يقول وهما نظير قوله تعالى إن علينا للهدى وإن لنا للآخرة والأولى قال فهذه ثلاثة مواضع في القرآن في هذا المعنى قلت وأكثر المفسرين لم يذكر في سورة والليل إذا يغشى إلا معنى الوجوب أي علينا بيان الهدى من الضلال ومنهم من لم يذكر في سورة النحل إلا هذا المعنى كالبغوي وذكر في الحجر الأقوال الثلاثة وذكر الواحدي في بسيطه المعنيين في سورة النحل واختار شيخنا قول مجاهد والحسن في السور الثلاث.

فصل والصراط المستقيم هو صراط الله وهو يخبر أن الصراط عليه سبحانه

كما ذكرنا ويخبر أنه سبحانه على الصراط المستقيم وهذا في موضعين من القرآن في هود والنحل قال في هود ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم وقال في النحل وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم فهذا مثل ضربه الله للأصنام التي لا تسمع ولا تنطق ولا تعقل وهي كل على عابدها يحتاج الصنم إلى أن يحمله عابده ويضعه ويقيمه ويخدمه فكيف يسوونه في العادة بالله الذي يأمر بالعدل والتوحيد وهو قادر متكلم غنى وهو على صراط مستقيم في قوله وفعله فقوله صدق ورشد ونصح وهدى وفعله حكمة وعدل ورحمة ومصلحة هذا أصح الأقول في الآية وهو الذي لم يذكر كثير من المفسرين غيره ومن ذكر غيره قدمه على الأقوال ثم حكاها بعده كما فعل البغوي فإنه جزم به وجعله تفسير الآية ثم قال وقال الكلبي يدلكم على صراط مستقيم قلت ودلالته لنا على الصراط هي من موجب كونه سبحانه على الصراط المستقيم فإن دلالته بفعله وقوله وهو على الصراط المستقيم في أفعاله وأقواله فلا يناقض قول من قال إنه سبحانه على الصراط المستقيم قال وقيل هو رسول الله يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم قلت وهذا حق لا يناقض القول الأول فالله على الصراط المستقيم ورسوله عليه فإنه لا يأمر ولا يفعل إلا مقتضاه وموجبه وعلى هذا يكون المثل مضروبا لإمام الكفار وهاديهم وهو الصنم الذي هو أبكم لا يقدر على هدى ولا خير والإمام الأبرار وهو رسول الله الذي يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم وعلى القول الأول يكون مضروبا لمعبود الكفار ومعبود الأبرار والقولان متلازمان فبعضهم ذكر هذا وبعضهم ذكر هذا وكلاهما مراد من الآية قال وقيل كلاهما للمؤمن والكافر يرويه عطية عن ابن عباس وقال عطاء الأبكم أبي بن خلف ومن يأمر بالعدل حمزة وعثمان بن عفان وعثمان بن مظعون قلت والآية تحتمله ولا يناقض القولين قبله فإن الله على صراط مستقيم ورسوله وأتباع رسوله وضد ذلك معبود الكفار وهاديهم والكافر التابع والمتبوع والمعبود فيكون بعض السلف ذكر أعلى الأنواع وبعضهم ذكر الهادي وبعضهم ذكر المستجيب القابل وتكون الآية متناولة لذلك كله ولذلك نظائر كثيرة في القرآن وأما آية هود فصريحة لا تحتمل إلا معنى واحدا وهو أن الله سبحانه على صراط مستقيم وهو سبحانه أحق من كان على صراط مستقيم فإن أقواله كلها صدق ورشد وهدى وعدل وحكمة وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا وأفعاله كلها مصالح وحكم ورحمة وعدل وخير فالشر لا يدخل في أفعاله ولا أقواله ألبتة لخروج الشر عن الصراط المستقيم فكيف يدخل في أفعال من هو على الصراط المستقيم أو

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير