تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

على الأُمُور المُهِمَّة، والذِّي نَفْسِي بِيَدِهِ، لا ومُقَلِّب القُلُوب، المقصُود أنَّهُ يحلف عليهِ الصَّلاة والسَّلام، وهُو الصَّدِقُ المَصْدُوق، والله جل وعلا أقْسَمَ، وأمَرَ نَبِيَّهُ أنْ يُقْسِمْ كُلُّ هذا لِتَعْظِيمِ شَأْنْ المَحْلُوفْ عليهِ، والاهْتِمَامْ بِشَأْنِهِ، فالله جلَّ وعلا أَقْسَمَ بالعَصْر ((إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ)) هذا المُقْسَم عليهِ ((إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ)) هذا شَأْنُهُ عظيم، وجَاءَ التَّأْكِيدْ بِالقَسَمْ وإنَّ؛ لأنَّ (إنَّ) حَرْف توكيد ونصب و (لفي) المُؤكدة (لَفِي خُسْر) (إنَّ الإنْسَانْ) الإنْسَانْ المُرَادْ بِهِ الجِنْسْ بِدَلالَةِ دُخُولْ، بِدَلالَةِ جَوَازِ دُخُولْ كُلْ مَكَانْ ألْ، فَلَوْ قال إنَّ كُل إنْسَانٍ لَفِي خُسْر صَحَّ الكلام، وعلامَةُ كَوْن أَلْ جِنْسِيَّة أنْ يَحِلَّ مَحَلَّها كُل، فَكُلُّ إنْسَانْ مَحْكُومٌ عليهِ بالخَسَارَة، إلاّ مَنْ اسْتُثْنِي، فَكُلُّ إنْسَانٍ يَتَّجِه إليْهِ قَوْلُ الله جلَّ وعلا ((إنَّ الإنْسَانْ لَفِي خُسْر)) ثُمَّ بعد ذلك اسْعَ في خَلاصِ نَفْسِك مِنْ هذهِ الخَسَارَة، وحَقِّقْ مَا بَعْدَ إلاّ، حَقِّقْ مَا بَعْدَ إلاّ لِتَنْجُو مِنْ هذهِ الخَسَارة الفَادِحَة التِّي لَيْسَتْ خَسَارة الدَِّراهِمْ والدَّنَانِيرْ، الخَسَارة خَسَارة الآخِرَة، ولذلك يقُولُ الله جَلَّ وعلا ((ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ)) [التغابُن / 9] يعني التَّغَابُن الحَقِيقِي هُنالِكْ لا فِي الدُّنْيَا، فَلًوْ أنَّ إنْسَان فَقَد جميع ما يَمْلِك في هذهِ الدُّنْيَا مِنْ مَالٍ، ووَلَدْ، وجَاهٍ، وصِحَّة، وبَقِيَ لَهُ رَأسُ مَالِهِ الذِّي هُو الدِّينْ هذا لَيْسَ بِخُسْرَانْ؛ لَكِنْ لَوْ خَسِرَ دِينَهُ، وبَقِيَ جَمِيع مَا يَمْلِكْ فِي هذهِ الدُّنْيَا، وأضْعَافْ أضْعَافْ مَا كَانَ يَمْلِك لَفِي خُسْر، ونُشاهد أو شَاهَدْنَا بعض الإخوانْ لَمَّا وُجِدَتْ التِّجَارَاتْ التِّي لا تَتَطَلَّبْ جُهْداً بَدَنِيًّا، إنَّما تَتَطَلَّبْ جُهد ذِهْنِي مِثْل الأسْهُم كثيرٌ مِنْ طُلاَّب العِلْم فَقَدْنَاهُم فِي الحِلَقْ، فإذا سَأَلْنَا عَنْهُم قالوا إنَّهُم ذَهَبُوا إلَى تِجَارَةِ الأسْهُم، وإذا كُلِّمُوا قَالُوا مُدَّة يَسِيرَة نَشْتَغِلْ ونَتَحَرَّكْ؛ فإذا كَسَبْنَا ورَبِحْنَا مَا يَكْفِينَا رَجِعْنَا إلى العِلْم، يَعْنِي على اصْطِلاحِهِمْ العِلْم مَلْحُوقٍ عليه مَهُبْ فَايِتْ، الإشْكَالْ هالأسْهُم إللي النَّاس يَجْنُونْ مِنْها مَا يَجْنُونْ ثُمَّ تَنْتَهِي، وكَانَتْ النَّتِيجَة عَكْسِيَّة، النَّتِيجَة عَكْسِيَّة حَصَلَ مَا حَصَلَ مِنَ الخَسَارَة، ونَسُوا مَا نَسُوا من العِلْم؛ بَلْ مِنْهُم مَنْ نَسِيَ حِفْظ القُرآنْ؛ بَلْ مِنْهُم مَنْ نَسِيَ لٌبَّ صَلاتِهِ وهُو الخُشُوعْ، لَهَثُوا وَرَاءَ هذهِ الأسْهُمْ وورَاء هذهِ الدُّنْيَا، ثُمَّ مَعَ ذَلِك خَسِرُوا الدُّنْيَا والآخِرَة نَسْأل الله السَّلامَة والعَافِيَة، مِنْهُم مَنْ نَسِيَ القُرآنْ هذا مُؤَكَّدْ، مِنْهُم مَنْ صَلَّى ولا يَدْري كَمْ صَلَّى، وإذا كانَتْ جَماعَة صَلُّوا في مَكَانْ مِنْ أمَاكِنْ الأسْهُم مُجتمعاتِهِم وصلى بِهم الظُّهُر وَجَهَر بالقِرَاءَة وأمَّنُوا ولا واحِدْ سَبَّح، نَسْأل الله السَّلامَة والعَافِيَة،والنَّتِيجَة لا شيء، عِبَرْ لِنَعْرِفْ الخَسَارَة الحَقِيقِيَّة ((قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) [الزُّمَر / 15]، نَسْأل الله السَّلامة و العافِيَة، أمَّا خَسَارَةُ الدُّنْيَا، فالدُّنْيَا عَرَضٌ يَطْرَأُ ويَزُولْ، وقدْ يَحْصُلُ للإنْسَانْ مَا لا يَخْطُرُ بِبَالِهِ، ويُذْكَرْ مِنْ بَعْضِ أهْلِ القَنَاعَة، إنَّهُم صَارُوا سَبَباً رِبْحِ أَهْلِيهِمْ، وإنَّمَا تُنْصَرُونَ وتُرْزَقُونَ بِضُعَفَائِكُمْ، ومِنْ أهْلِ العِلْم مَنْ لَهُ شَرِيكْ، أخ شَرِيك تُوفِّيَ وَالِدُهُم، وتَرَكَ لَهُم أموال طائِلَة، وطالبُ العلم مُقْبِلٌ على عِلْمِهِ وعِبَادَتِهِ، وأخُوهُ شَرِيكُهُ يَضْربُ الأرض طُولاً وعَرْضاً فِي التِّجَارَاتْ،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير