الأول: أهمّيةِ معرفةِ تفسير الآيةِ قبلَ البدءِ باستنباطِ فوائدها.
الثاني: أهمّيةِ القاعدةِ التفسيريّةِ المشهورة وهي: وجوبُ حَمْلِ الآيةِ على كُلِّ المعاني التي تحتملها ما لم يَكُنْ بينها تَضَادٌّ. ()
الثالث: أنّ بعضَ الفوائدِ المستنبطةِ مِن الآياتِ لا تدلُّ عليه الآيةُ بإطلاق، وإنّما هو أحدُ الاحتمالاتِ الواردةِ في الآيةِ، ولذا فلا بُدَّ مِن النظرِ إلى صِحَّةِ هذا الاحتمالِ مِن عَدَمِه.
8 – ومِن مَلامحِ مَنهجهِ في الاستنباط: دِقَّةُ الاستنباطِ، والإشارةُ إلى معاني الآيةِ الخفيَّةِ.
عند تفسيره لقوله تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} (النساء: من الآية131)
ذكرَ مِن فوائدها:"
1 – عمومُ مُلْكِ الله لقولهِ: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ} لأنّ جميعَ الأسماءِ الموصولةِ تُفيد العمومَ.
2 – اختصاصُ مُلْكِ السمواتِ والأرضِ لله تعالى؛ لتقديمِ الخبرِ؛ لأنّ تقديمَ ما حَقُّهُ التأخيرُ يُفيد الحصْرَ ". ()
وعند تفسيره لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} (المائدة: من الآية6)
ذكرَ مِن فوائدها:"
- وجوبُ استيعابِ الرأسِ بالمسحِ؛ لأنّ الباءَ للاستيعابِ. ()
- وجوبُ الموالاةِ، وَجْهُهُ أنّ غسلَ هذه الأعضاء جاءَ مُرَتَّبًا على الشرطِ فلا بُدَّ أنْ يكونَ أجزاءُ هذا الفعلِ –المرَتَّبِ على الشرطِ– مُتواليةً؛ لأنّ الشَّرْطَ يَعُقُبُهُ المشْرُوطُ، هذا وجهُ الدلالةِ مِن الآيةِ ". ()
وعند تفسيره لقوله تعالى: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} (سبأ: من الآية4)
ذكرَ مِن فوائدها:" أنّ أفعالَ الله تعالى مُعَلَّلةٌ، بمعنى أنّ لها عِلَّةً، يُؤخذ مِن (اللامِ) {لِيَجْزِيَ}؛ لأنّ (اللام) للتعليلِ ". ()
وعند تفسيره لقوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ} (البقرة: من الآية54)
ذكرَ مِن فوائدها:" إثباتُ الأسبابِ، وتأثيرها في مُسبّباتها لقولهِ {بِاتِّخَاذِكُمُ} فإنّ (الباء) هُنَا للسَبَبِيَّةِ ". ()
فيلاحظُ أنّ الشيخَ رحمه الله نظرَ إلى معاني الحروفِ والأسماءِ فاستنبطَ مِنها فوائدَ مُرتبطة بالآيةِ، كما نظرَ إلى مَوقعِ الكلمةِ الإعرابيِّ ليستنبطَ مِنه فوائدَ تُؤخذ مِن الآيةِ.
9 – ومِن مَلامحِ مَنهجهِ في الاستنباط: ومِن طريقتهِ أيضًا أنْ يذكرَ ما يُستفاد مِن الآيةِ على وجهِ الاستقلالِ، فإنْ كانَ هُناكَ ما يُخَصِّصُهَا، أو يُقيِّدُهَا، أو ناسخٍ لها، أو يُوجد بينها وبينَ نَصٍّ آخرَ ما ظاهرهُ التعارضُ، سواء كانَ مِن آيةٍ أو من حديثٍ نبويٍّ؛ فإنّهُ يَذْكُرُهُ
ويبينُ وجهَ الجمعِ بينهما كما بيّنتُ هذا ومَثَّلْتُ له في مباحثَ سابقة. ()
10 – ومِن مَلامحِ مَنهجهِ في الاستنباط: الاستطرادُ بذكرِ ما يتعلّقُ بالفائدةِ مِن أحكام.
عند تفسيره لآيةِ الوضوءِ في سورة المائدة ذكرَ مِن فوائدها: أنّ الوضوءَ لا ينقضُ إلاّ بالغائطِ؛ سواءٌ ببولٍ أو بعذرةٍ؛ لقوله تعالى: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} (المائدة: من الآية6) ولَمْ يذكرْ سِوَى ذلكَ، وذكرَ إجماعَ أهلِ العلمِ على هذا الناقضِ، أمّا البقيةُ فوقعَ فيها الخلافُ، ثُمَّ عَدَّدَ بقيةَ النواقضِ، وذكرَ أدلّتها وناقشها وذكرَ الراجحَ مِنها. ()
هذه أهمُّ مَلامحِ مَنهجِ الشيخِ ابن عثيمين رحمه الله في استنباطِ فوائدِ الآيات.
الدكتور أحمد بن محمد البريدي
الأستاذ المساعد بكلية المعلمين
[email protected]
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=6832
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[03 - 12 - 06, 07:41 ص]ـ
رحم الله الشيخ
وجزى الله خيرا الشيخ البريدي
وجزى الله خيرا الشيخ المسيطير
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[03 - 12 - 06, 09:38 ص]ـ
قال الشيخ العثيمين - رحمه الله -:
لا شك أن أشرف الكلام كلام الله، وأحق ما يكون بالعناية كلام الله، وأنفع ما يكون كلام الله، ولهذا نقول: ابدأ بالتفسير قبل كل شيء، لكن هذا لا يعني ألا تقرأ غيره، لكن ركز أولاً على علم التفسير، وأنت تعلم وإخواننا الحاضرون وغيرهم أيضاً يعلمون أن القرآن مشتمل على كل شيء، ففيه العقيدة، وفيه الفقه، وفيه الآداب، وفيه كل شيء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ [النحل:89] فعليك بالتفسير، احرص عليه ما استطعت.
وطريقة ذلك:
أن تفكر أنت أولاً في معنى الآية، قبل أن تراجع الكتب، فإذا تقرر عندك شيء فارجع إلى الكتب، وذلك لأجل أن تمرن نفسك على معرفة معاني كتاب الله بنفسك، ثم إن الإنسان قد يفتح الله عليه من المعاني ما لا يجده في كتب التفسير، خصوصاً إذا ترعرع في العلم وبلغ مرتبة فيه فإنه قد يفتح له من خزائن هذا القرآن الكريم ما لم يجده في غيره. وأضرب لك مثلاً بتفسير الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله: فإنه يستنبط من الآيات الكريمة أحياناً معاني لا تجدها في أي تفسير سابق ... .
ولكن أحسن ما يكون للمبتدئ تفسير ابن كثير، أو تفسير البغوي أو تفسير الشيخ عبد الرحمن السعدي.
" لقاءات الباب المفتوح " (86).
¥