تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

4 - قوله تعالى: {وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً} (الإسراء: 73)، وهو يبين أن تغيير الحكم الشرعي إنما هو من الافتراء على الله عز وجل، والافتراء على الله لا يجوز عند أحد من المسلمين، فظهر من ذلك أن تغيير الحكم الشرعي أو القول بجواز ذلك محرم لا يجوز القول به ولا الإقدام عليه، وهذه الآية تدل على مدى حرص الكفار ورغبتهم في تغيير الحكم الشرعي، حتى إنهم ليتخذون من يفعل ذلك أو يقوم به «خليلاً»، والخُلة أعلى درجات المحبة، قال ابن جرير - رحمه الله -: «والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر عن نبيه صلى الله عليه وسلم أن المشركين كادوا أن يفتنوه عما أوحاه الله إليه ليعمل بغيره، وذلك هو الافتراء على الله» [9].

5 - قال الله تعالى: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ}

(المائدة: 44). وقال: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}

(المائدة: 45). وقال: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ}

(المائدة: 47). فبيَّن الله تعالى أن من حكم بغير ما أنزل الله فهو كافر ظالم فاسق، ومن قال بجواز تغيير الحكم الشرعي، فهو إما حاكم بغير ما أنزل الله وإما مجوز لذلك.

6 - قال الله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ} (الأنعام: 153). فمن لم يتبع صراط الله المستقيم (الكتاب والسنة) اتبع سبل الشيطان، ولا يمكن للمرء أن يتبع الكتاب والسنة مع القول بعدم ثبات الحكم الشرعي وجواز تغييره.

7 - قال الله تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ} (الأعراف: 3)، فأمر الله الناس أن تتبع ما أنزل إليها من ربها خالقها ورازقها، وبيَّن أن من اتبع غير ذلك فقد اتبع أولياء من دونه، والقول بجواز تغيير الحكم الشرعي مؤد لاتباع الأولياء من دون الله. ثم تهدد الله وتوعد من يتبع الأولياء من دونه، فقال عقيب الآية المتقدمة: {وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتاً أَوْ هُمْ قَائِلُونَ} (الأعراف: 4).

8 - قال الله تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ} (الجاثية: 18)، فأمر رسوله صلى الله عليه وسلم باتباع الشريعة التي أوحاها إليه، وبيَّن أن ترك شيء من هذه الشريعة إنما هو اتباع لأهواء الذين لا يعلمون، ولا يمكن اتباع الشريعة كاملة مع القول بعدم ثبات الأحكام الشرعية أو بعضها وجواز تغييرها، ثم بيَّن الله تعالى أن هؤلاء الداعين إلى ترك اتباع الشريعة بتغيير الحكم الشرعي ظالمون، وأنهم لن يغنوا عن أحد شيئاً أو يدفعوا عنه شيئاً من عذاب الله، فقال تعالى عقيب الآية المتقدمة: {إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ المُتَّقِينَ} (الجاثية: 19).

9 - قال تعالى: {سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ} (البقرة: 211)، فقد توعد الله سبحانه وتعالى بالعقاب الشديد من يبدل نعمته التي أنعمها على العباد، والأحكام الشرعية التي باتباعها استقامة العباد وصلاح الدنيا، والنجاة من النار والفوز بالجنة من أجل النعم التي أنعم الله بها، والقول بعدم ثبات الحكم الشرعي وجواز تغييره هو من تبديل نعمة الله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير