تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فالجواب وبالله التوفيق: أن الأصل عدم جواز الوجود في أماكن المنكرات لغير القادر على تغييرها والأصل في هذا المنع قول اله تعالى: (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين) وقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود ج4/ص122عن جرير قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من رجل يكون في قوم يعمل فيهم بالمعاصي يقدرون على أن يغيروا عليه فلا يغيروا إلا أصابهم الله بعذاب من قبل أن يموتوا)

كما أن الأصل هو وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وذلك ثابت في مواضع كثيرة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم منها قوله تعالى: (لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون) وقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي ج4/ص468عن حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم) قال أبو عيسى هذا حديث حسن

هذا هو الأصل إلا أن الظروف التي تعيشها أنت ومن هم على مثل ما أنت عليه من أهل بلدك تحتم النظر إلى المسألة على وجه آخر

فأنت أيها الأخ الكريم مؤتمن على دينك وأنت أبصر بحالك فإن كنت لا تجد في مدينة القدس أو القرى التي حولها عملا ليس فيه شائبة يكفيك وعيالك ولو كان بأجر أقل فإن عملك هذا مع ما أنت عليه من تجنب مباشرة المحرمات على الوجه الذي ذكرته عن نفسك جائز ودليل جوازه أمور

1 - أن الإسلام جاء برفع الحرج والتيسير على المسلمين فإذا لم يكن المسلمون من أهل بلدكم ممن ابتلاهم الله بسطوة المحتل وهيمنة الكفر على بلادهم وأنفسهم ممن يرجع في أحوالهم إلى رفع الحرج والتيسير فمن يتبع معه التيسير إذا؟ قال تعالى واصفا دين نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون) وقال سبحانه آمرا المسلمين بدعائه (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين) و في الحديث عند هذه الآية: (قال تعالى: قد فعلت) (وما جعل عليكم في الدين من حرج) (يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا) وقال سبحانه (فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا) وكل هذه الآيات وغيرها تفيدنا قطعا بأن المشقة تجلب التيسير كما يقول الفقهاء.

2 - أن من مقاصد الشريعة العظيمة حفظ الدين والنفس فإذا كنت تعلم من نفسك أنك لا تجد عملا يكفيك ومن تعول متى تركت هذا العمل في تلك البيئة التي يغلب عليها الكفار فلا شك أن في ذلك متلفة للنفس وفي عدم استغناء المرء وأهله بالمال في تلك الأجواء ما قد يؤدي إلى تلف الدين وربما العرض فلزومك هذا العمل مما يحقق لك حفظ هذه المقاصد

مع تنبيهك إلى أن المسؤلية عليك تتعاظم في الحرص على البعد عن المحرمات كما تعظم عليك المسؤلية في دوام الالتفات إلى البحث عن مكان أطهر ولو اقتضى ذلك أن تتعلم صناعة ومهنة جديدة تكون أنفع لك وللمسلمين هناك.

أما أمر العصاة من المسلمين بالمعروف ونهيهم عن المنكر فهذا واجب لا تحول دونه ضرورة إلا أنه يجب بحسب تيسره فإن كان هؤلاء العصاة ممن يستمع إلى النصح فيجب عليك إسماعهم إياه ولو لم يستجيبوا لك فإن الواجب عليك إسماعهم قال تعالى مخاطبا رسوله صلى الله عليه وسلم: (فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر) وقال تعالى: (ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء) , أما إذا كانوا ممن لا يستمع النصح فكن قدوة صالحة لهم فإن مرجع المسلم إن شاء الله إلى خير وإذا رأوك على هذه الحال من تجنب الحرام دعاهم حالك إلى الخجل من أنفسهم وكان ذلك لهم خير واعظ قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير