صورتان من المعركة التاريخيّة مع السّفور
ـ[عبد الرحمن الجارالله]ــــــــ[20 - 12 - 02, 08:39 م]ـ
< center> بسم الله الرحمن الرحيم
مذ خلق الله الخلق، ومعركة الإيمان والكفر مستمرَّة، ومدافعة الفسوق والمعاصي عقيدة في قلوب المؤمنين مستقرَّة، ولا يخفى على من لم يمت قلبُه ما ابتُليَ به المؤمنون اليوم، من محاربة الدين في كل البلاد، ومن أعظم سبُل الغاوين، وأخبث حبائل الشياطين، الحرب على الأعراض.
ومن سنن الخير التي هي من أعظم الفرائض، بل هي سِيَاج الغَيْرَة، وحِصْنُ العِفَّة = تغطية المرأة وجهها الذي هو مجتمع المحاسن، وموضع المفاتن.
وقد سارت الأمة في العصور المتتابعة على الأخذ بهذه العزيمة، وصون المؤمنة الكريمة، ولم ينم إبليس اللعين، ولم تقعد عن غايتها الشياطين، وفيما يلي واقعتان، مما ظهر فيه كيد الشَّيطان، وإنكار علماء المسلمين وعامّتهم لها، والأولى وقعتْ من بعض العامّة، والثانية من الحكّام.
فالأولى ما في رحلة محمد بن عمر بن رشيد الفهري السبتي قال:
ومن الحوادث الشنيعة: طواف النساء ليلاً بالشمع في أيديهن سافرات عن وجوههن. عاينَّا من ذلك ما يحزن، وغيّرنا منه المستطاع بإطفائها في أيديهنَّ. والله تعالى المستعان المسؤول أن يمنَّ على المسلمين بمن يدفع البدع، ويجبر من الدين ما انكسر، ويلأم منه ما انصدع بمنَّه وكرمه. < p align=left>( ملء العيبة بما جمع بطول الغيبة في الوجهة الوجيهة إلى الحرمين مكة وطيبة - الجزء الخامس ص265)
والثانية ما ذكر عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، قال في رسالته إلى علماء الحرمين (الرسائل المفيدة 297):
إلى جناب المفضَّل، والشيخ المبجَّل، شيخ المدرّسين والمتصدّرين بحرم الرسول، ومن لديه من العلماء الأفاضل الفحول، بعد إهداء السلام والتحية، لأنصار الملة الحنيفيَّة وحماة الشريعة المحمدية، صدَّرت هذه الرسالة، وسوّدت هذه العجالة، لما شاع في البلاد العربية، اليمانيَّة منها والعراقية والتهامية والنجديّة، ما دهم الإسلام وعَرَاه، وأناخ بحرمه وحماه، من الخطب العظيم، والهول الجسيم، والكفر الواضح المستبين، والأمر بهدمِ أظهرِ شعائر الملَّة والدين، وأن لا يُنادى بالصلوات الخمس في أوقاتها بالتأذين، والأمر بهتك ستر حرم المؤمنين، وكشف وجوههنَّ للفجرة والفاسقين، تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخرُّ الجبال هدًّا، وتطير قلوب أهل الإسلام إعظامًا لشناعته وكفره وردًّا.
إلى أن قال:
وقد بلغنا عنكم ما تسرُّ به نفوس المسلمين، ومن رد ذلك الإفك المبين، والواجب علينا وعليكم أعظم من ذلك، من الجد والاجتهاد في رفع أعلام أوضح الشعائر والمسالك، وقد تواترت عندنا بحمد الله الأخبار، عن كافَّة العرب من جميع الأقطار بإنكار ذلك وردِّه، والحكم بأنَّه من أظهر شعائر الكفار، ومن فعله وجب معاجلته بالحرب والدمار، والكل منهم يعاهد على أنه السابق في تلك الحلبة والمضمار، فاستعينوا بالله واصبروا، واعلموا أن أنصاركم ومددكم جميع أهل الإسلام، وذوو البصائر من أهل النخوة والإقدام، فإيَّاكم إيَّاكم والمداهنة والتساهل في الجهاد والإنكار؛ فتزلَّ قدم بعد ثبوتها أو تهوي إلى الدرك الأسفل من النار.
وقال في آخر الرسالة:
والمعهود عن الدولة العثمانية من عهد السلطان سليم ابن السلطان با يزيد، من وقت ولايتهم على الحرمين الشريفين من أوائل القرن العاشر إلى وقتنا وأوائل عصرنا = هو المبالغة في تعظيم الحرمين الشريفين زادهما الله تشريفًا وتكريمًا ومهابةً وتعظيمًا؛ فلعلّ هذه الحوادث عن بعض النوَاب والوزراء الذين لا خبرة لهم بسبيل الرشد والهدى، ولا علم لهم بأسباب السعادة والتقى، وصلى الله على إمام المتّقين، وعلى آله وصحبه والتابعين آمين.
< p align=left> وكتبه:
عبد الرحمن بن علي الجارالله
عفا الله عنه