تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[منكرات و بدع الحج]

ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[19 - 12 - 06, 10:33 ص]ـ

[منكرات و بدع الحج]

قال الإمام ابن الجوزي في كتابه " نقد العلم و العلماء": قد يسقط الإنسان الفرض بالحج مرة ثم يعود لاعن رضا لوالدين و هذا خطأ و ربما حج و عليه ديون أو مظالم، و ربما خرج للنزهة، و ربما حج بمال فيه شبهة، و منهم من يخب أن يتلقى و يقال له الحاج، و جمهورهم يضيع في الطريق فرائض من الطهارة و الصلاة، و يجتمعون حول الكعبة بقلوب دنسه و بواطن غير نقية، و إبليس يريهم صورة الحج فيغرهم، و إنما المراد من الحج القرب بالقلوب لا بالأبدان و إنما يكون ذلك مع القيام بالتقوى، و كم من قاصد إلى مكة همته عدد حجاته فيقول: لي عشرون وقفة، و كم من مجاور قد طال مكثه و لم يشرع في تنقية باطنه، و ربما كانت همته متعلقة بفتوح يصل إليه ممن كان’ وربما قال: إن لي اليوم عشرين سنة مجاورا، و كم قد رأيت في طريق مكة من قاصد إلى الحج يضرب رفقاءه على الماء و يضايقهم في الطريق، و قد لبس إبليس على جماعة من القاصدين إلى مكة، فهم يضيعون الصلوات، و يطففون إذا باعوا، و يظنون أن الحج يدفع عنهم’ و قد لبس إبليس على قوم منهم فابتدعوا من المناسك ما ليس منها، فرأيت جماعة يتصنعون في إحرامهم فيكشفون عن كتف واحدة، و يبقون في الشمس أياما فتكشف جلودهم و تنتفح رءوسهم، و يتزينون بين الناس بذلك. و في أفراد البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: " أن النبي صلى الله عليه و سلم رأى رجلا يطوف بالكعبة بزمام فقطعه" و في لفظ آخر: " رأى رجلا يقود إنسانا بخزامة في أنفه فقطعها بيده، ثم أمره أن يقود بيده" قال: و هذا الحديث يتضمن النهي عن الابتداع في الدين، و إن قصد بذلك الطاعة.

و من البدع: التمسح بجدران الكعبة كلها، لأن الرسول صلى الله عليه و سلم لم يفعله و إنما كان يمس الركن اليماني، و يقبل الحجر الأسود، و كذا كتابة أسمائهم على عمدان حيطان الكعبة، و توصيتهم بعضهم بذلك بدعة و جهل. واهتمامهم بزمزمة لحاهم و زمزمة ما معهم من النقود و الثياب لتحصل لها البركة، و نقل ماء زمزم على بلادهم، كل هذه بدع لم تشرع و لا خير فيها و لا بركة، و منهم من يعتقد أن من تمام الحج تقديس حجه بزيارة قبر الخليل، و إلا فحجه ناقص أو غير صحيح، و هذا جهل و اعتقاد فاسد، لأن الحج عبادة مستقلة لا تعلق له بغيره. و أما زيارة بيت المقدس فسنة مستحبة، لأن الصلاة فيه تعدل خمسمائة صلاة.

و حديث " من زارني و زار أبي إبراهيم في عام ضمنت له على الله الجنة" باطل موضوع، كما قاله النووي و ابن تيمية و غيرهما. و تبييض بيت الحاج بالبياض و الجير، و نقشه بالصور و كتابة اسم و تاريخ الحاج عليه بجعة ضلالة، و تظاهر و رياء و جهالة و غفلة من المشروع، و كذا ذبحهم الذبائح، و تفريقهم المشروبات على القادمين و ملاقاة الحاج بالبيارق و الباز أو الطبول، واجتماع النساء للزغاريد ن واستحضار الفقراء للذكر بالتنطيط، أو الرقصات للرقص و الشخلعة، كل هذا و غيره لا يليق.

و من البدع الذميمة و الجاهلات الوخيمة، أن ألوفا من الناس لا يقصدون من الحج إلا زيارة قبر النبي صلى الله عليه و سلم و وضع أيديهم على شباكه، و إنني لأعلم أن كثيرا ممن يحجون لو شعروا أن زيارة القبر النبوي ممتنعة تلك السنة مثلا لرجعوا من فورهم لأنهم يرون أن الحج هو زيارة قبره صلى الله عليه و سلم أو أن الحج لا يقبل أو يتم إلا بذلك، و إن هذا لهو البلاء العظيم و الجهل الوخيم. ألا فاعلوا أيها المسلمون أن أركان الحج خمسة: الإحرام، , الوقوف بعرفة، و الطواف، و السعي بين الصفا و المروة و حلق الرأس أو التقصير، فمن حج البيت أو اعتمر، فأدى هذه الأركان فقد تم حجه وعمرته.

أما زيارة قبره صلى الله عليه و سلم فسنة مستحبة مستقلة يؤديها المسلم في أي زمان شاء، سواء أكان في أيام الحج أو غيرها على أن لا يقصد السفر إلا للصلاة في المسجد.

ثم أعلم أن كل حديث ورد في فضل زيارة فبره صلى الله عليه و سلم فواه أو موضوع، و إنما الصحيح " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، مسجد النبي صلى الله عليه و سلم و المسجد الأقصى، فإذا دخل الإنسان مسجد الرسول صلى الله عليه و سلم سن له أن يصلي فيه، ثم يزور القبر المعظم.

و قد أشاع الأغفال الجهال أن المرأة المتزوجة إذا عزمت على الحج و ليس معها محرم، يعقد عليها رجل آخر ليكون معها كمحرم لها، ثم يطلقها بعد العودة، و هذه بلا شك هي سنة أهل الجاهلية الأولى، إذا كان الرجال العشرة يجتمعون على المرأة، فإذا وضعت نظروا إلى أي رجل منهم جاء الولد شبيها به فينسب إليه و إنها لأنكر النكر، وإحدى الكبر بل المشروع هو ما روى مسلم في صحيحه أنه صلى الله عليه و سلم قال: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله و اليوم الأخر أن تسافر سفرا يكون ثلاثة أيام فصاعدا إلا و معها أبوها أو ابنها أو زوجها أو ذو محرم منها " وروى الدارقطي بإسناده أنه صلى الله عليه و سلم قال:" لا تحجن امرأة إلا و معها ذو محرم ".

المصدر:

كتاب السنن والمبتدعات المتعلقة بالأذكار والسنن من تأليف محمد عبدالسلام خضرالشقيدي رحمه الله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير