تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقول القائل: إن النظر إلى وجه الأمرد عبادة كقوله إن النظر إلى وجوه النساء أو النظر إلى وجوه محارم الرجل كبنت الرجل وأمه وأخته عبادة ومعلوم أن من جعل هذا النظر المحرم عبادة كان بمنزلة من جعل الفواحش عبادة قال تعالى {وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [(28) سورة الأعراف]

ومعلوم أنه قد يكون في صور النساء الأجنبيات، وذوات المحارم من الاعتبار، والدلالة على الخالق من جنس ما في صورة المرد فهل يقول مسلم: إن للإنسان أن ينظر بهذا الوجه إلى صور نساء العالم، وصور محارمه ويقول: إن ذلك عبادة؟!

بل من جعل مثل هذا النظر عبادة فإنه كافر مرتد يجب أن يستتاب فإن تاب و إلا قتل، وهو بمنزلة من جعل إعانة طالب الفواحش عبادة، أو جعل تناول يسير الخمر عبادة، أو جعل السكر بالحشيشة عبادة فمن جعل المعاونة على الفاحشة بقيادة، أو غيرها عبادة، أو جعل شيئا من المحرمات التي يعلم تحريمها من دين الإسلام عبادة فإنه يستتاب فإن تاب، و إلا قتل وهو مضاهٍ للمشركين الذين إذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله مالا تعلمون ..

وقال ـ رحمه الله ـ في مجموع الفتاوي 15/ 415 - 419

النوع الثاني من النظر: كالنظر إلى الزينة الباطنة من المرأة الأجنبية فهذا أشد من الأول كما أن الخمر أشد من الميتة والدم ولحم الخنزير وعلى صاحبها الحد وتلك المحرمات إذا تناولها مستحلا لها كان عليه التعزير لأن هذه المحرمات لا تشتهيها النفوس كما تشتهى الخمر وكذلك النظر إلى عورة الرجل لا يشتهى كما يشتهى النظر إلى النساء ونحوهن وكذلك النظر إلى الأمرد بشهوة هو من هذا الباب وقد اتفق العلماء على تحريم ذلك كما اتفقوا على تحريم النظر إلى الأجنبية وذوات المحارم بشهوة، والخالق سبحانه يسبح عند رؤية مخلوقاته كلها، وليس خلق الأمرد بأعجب في قدرته من خلق ذي اللحية، ولا خلق النساء بأعجب في قدرته من خلق الرجال فتخصيص الإنسان بالتسبيح بحال نظره إلى الأمرد دون غيره كتخصيصه بالتسبيح بالنظر إلى المرأة دون الرجل وما ذاك لأنه أدل على عظمة الخالق عنده ولكن لأن الجمال يغير قلبه وعقله وقد يذهله ما رآه فيكون تسبيحه لما حصل فى نفسه من الهوى كما أن النسوة لما رأين يوسف أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاش لله ما ذها بشرا إن هذا إلا ملك كريم ..

فلهذا الفرقان افترق الحكم الشرعي فصار النظر إلى المردان ثلاثة أقسام:

أحدها: ما تقترن به الشهوة فهو محرم بالاتفاق.

و الثاني: ما يجزم أنه لا شهوة معه كنظر الرجل الورع إلى ابنه الحسن، وابنته الحسنة، وأمه الحسنة، فهذا لا يقترن به شهوة إلا أن يكون الرجل من أفجر الناس، ومتى اقترنت به الشهوة حرم، وعلى هذا نظر من لا يميل قلبه إلى المردان كما كان الصحابة وكالأمم الذين لا يعرفون هذه الفاحشة فإن الواحد من هؤلاء لا يفرق من هذا الوجه بين نظره إلى ابنه وابن جاره وصبي أجنبي لا يخطر بقلبه شيء من الشهوة لأنه لم يعتد ذلك وهو سليم القلب من قبل ذلك ..

[القسم الثالث]: وإنما وقع النزاع بين العلماء في القسم الثالث من النظر، وهو النظر إليه بغير شهوة لكن مع خوف ثورانها ففيه:

وجهان في مذهب أحمد أصحهما وهو المحكي عن نص الشافعي وغيره: أنه لا يجوز. (الاختيارات ص290).

والثاني: يجوز لأن الأصل عدم ثورانها، فلا يحرم بالشك بل قد يكره.

والأول هو الراجح. كما أن الراجح في مذهب الشافعي، وأحمد أن النظر إلى وجه الأجنبية من غير حاجة لا يجوز، وإن كانت الشهوة منتفية لكن لأنه يخاف ثورانها، ولهذا حرم الخلوة بالأجنبية لأنه مظنة الفتنة، والأصل أن كلما كان سببا للفتنة فإنه لا يجوز فإن الذريعة إلى الفساد سدها إذا لم يعارضها مصلحة راجحة، ولهذا كان النظر الذي قد يفضي إلى الفتنة محرما إلا إذا كان لحاجة راجحة مثل نظر الخاطب، والطبيب، وغيرهما فإنه يباح النظر للحاجة مع عدم الشهوة، وأما النظر لغير حاجة إلى محل الفتنة فلا يجوز .. (1)

[مخالطت الأمرد، ومجالسته]

وقال ـ رحمه الله ـ في مجموع الفتاوي 15/ 374:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير