تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الْجَوَابُ: وَأَمَّا سُؤَالُ الْقَائِلِ: إنَّهُمْ أَصْحَابُ الْعِلْمِ الْبَاطِنِ، فَدَعْوَاهُمْ الَّتِي ادَّعَوْهَا مِنْ الْعِلْمِ الْبَاطِنِ هُوَ أَعْظَمُ حُجَّةٍ وَدَلِيلٍ عَلَى أَنَّهُمْ زَنَادِقَةٌ مُنَافِقُونَ، لا يُؤْمِنُونَ بِاَللهِ وَلا بِرَسُولِهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ، فَإِنَّ هَذَا الْعِلْمَ الْبَاطِنَ الَّذِي ادَّعَوْهُ هُوَ كُفْرٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، بَلْ أَكْثَرُ الْمُشْرِكِينَ عَلَى أَنَّهُ كُفْرٌ أَيْضَاً، فَإِنَّ مَضْمُونَهُ أَنَّ لِلْكُتُبِ الإِلَهِيَّةِ بَوَاطِنَ تُخَالِفُ الْمَعْلُومَ عِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الأوَامِرِ وَالنَّوَاهِي وَالأخْبَارِ. أَمَّا الأوَامِرُ، فَإِنَّ النَّاسَ يَعْلَمُونَ بِالاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الإِسْلامِ أَنَّ مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُمْ بِالصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَةِ، وَالزَّكَاةِ الْمَفْرُوضَةِ، وَصِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَحَجِّ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ. وَأَمَّا النَّوَاهِي، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى حَرَّمَ عَلَيْهِمْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَأَنْ يُشْرِكُوا بِاَللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانَاً، وَأَنْ يَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لا يَعْلَمُونَ، كَمَا حَرَّمَ الْخَمْرَ، وَنِكَاحَ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ، وَالرِّبَا، وَالْمَيْسِرَ، وَغَيْرَ ذَلِكَ. فَزَعَمَ هَؤُلاءِ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهَذَا مَا يَعْرِفُهُ الْمُسْلِمُونَ، وَلَكِنْ لِهَذَا بَاطِنٌ يَعْلَمُهُ هَؤُلاءِ الأئِمَّةُ الإسماعيلية، الَّذِينَ انْتَسَبُوا إلَى مُحَمَّدِ بْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ الَّذِينَ يَقُولُونَ: إنَّهُمْ مَعْصُومُونَ، وَإِنَّهُمْ أَصْحَابُ الْعِلْمِ الْبَاطِنِ، كَقَوْلِهِمْ: الصَّلاةُ مَعْرِفَةُ أَسْرَارِنَا، لا هَذِهِ الصَّلَوَاتُ ذَاتُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْقِرَاءَةِ، والصِّيَامُ كِتْمَانُ أَسْرَارِنَا لَيْسَ هُوَ الإِمْسَاكَ عَنْ الأكْلِ وَالشُّرْبِ وَالنِّكَاحِ، والْحَجُّ زِيَارَةُ شُيُوخِنَا الْمُقَدَّسِينَ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ. وَهَؤُلاءِ الْمُدَّعُونَ لِلْبَاطِنِ لا يُوجِبُونَ هَذِهِ الْعِبَادَاتِ وَلا يُحَرِّمُونَ هَذِهِ الْمُحَرَّمَاتِ، بَلْ يَسْتَحِلُّونَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَنِكَاحَ الأُمَّهَاتِ وَالْبَنَاتِ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْمُنْكَرَاتِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَؤُلاءِ أَكْفَرُ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، فَمَنْ يَكُونُ هَكَذَا كَيْفَ يَكُونُ مَعْصُومَاً!!. وَأَمَّا الأخْبَارُ، فَإِنَّهُمْ لا يُقِرُّونَ بِقِيَامِ النَّاسِ مِنْ قُبُورِهِمْ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، وَلا بِمَا وَعَدَ اللهُ بِهِ عِبَادَهُ مِنْ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، بَلْ وَلا بِمَا أَخْبَرَتْ بِهِ الرُّسُلَ مِنْ الْمَلائِكَةِ، بَلْ وَلا بِمَا ذَكَرَتْهُ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ وَصِفَاتِهِ، بَلْ أَخْبَارُهُمْ الَّذِي يَتَّبِعُونَهَا اتِّبَاعَ الْمُتَفَلْسِفَةِ الْمَشَّائِينَ التَّابِعِينَ لأَرِسْطُو، وَيُرِيدُونَ أَنْ يَجْمَعُوا بَيْنَ مَا أَخْبَرَ بِهِ الرُّسُلَ وَمَا يَقُولُهُ هَؤُلاءِ كَمَا فَعَلَ أَصْحَابُ «رَسَائِلِ إخْوَانِ الصَّفَا»، وَهُمْ عَلَى طَرِيقَةِ هَؤُلاءِ الْعُبَيْدِيِّينَ ذُرِّيَّةِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحِ. فَهَلْ يُنْكِرُ أَحَدٌ مِمَّنْ يَعْرِفُ دِينَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ الْيَهُودِ أَوْ النَّصَارَى: أَنَّ مَا يَقُولُهُ أَصْحَابُ «رَسَائِلِ إخْوَانِ الصَّفَا» مُخَالِفٌ لِلْمِلَلِ الثَّلاثِ وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ مِنْ الْعُلُومِ الرِّيَاضِيَّةِ وَالطَّبِيعِيَّةِ وَبَعْضِ الْمَنْطِقِيَّةِ وَالإِلَهِيَّةِ وَعُلُومِ الأخْلاقِ وَالسِّيَاسَةِ وَالْمَنْطِقِ مَا لا يُنْكَرُ، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ مِنْ مُخَالَفَةِ الرُّسُلِ فِيمَا أَخْبَرَتْ بِهِ وَأَمَرَتْ بِهِ وَالتَّكْذِيبِ بِكَثِيرِ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ وَتَبْدِيلِ شَرَائِعِ الرُّسُلِ كُلِّهِمْ بِمَا لا يَخْفَى عَلَى عَارِفٍ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير