تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بِمِلَّةِ مِنْ الْمِلَلِ. فَهَؤُلاءِ خَارِجُونَ عَنْ الْمِلَلِ الثَّلاثِ.

وَمِنْ أَكَاذِيبِهِمْ وَزَعْمِهِمْ: أَنَّ هَذِهِ الرَّسَائِلَ مِنْ كَلامِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ. وَالْعُلَمَاءُ يَعْلَمُونَ أَنَّهَا إنَّمَا وُضِعَتْ بَعْدَ الْمِائَةِ الثَّالِثَةِ زَمَانَ بِنَاءِ الْقَاهِرَةِ، وَقَدْ ذَكَرَ وَاضِعُهَا فِيهَا مَا حَدَثَ فِي الإِسْلامِ مِنْ اسْتِيلاءِ النَّصَارَى عَلَى سَوَاحِلِ الشَّامِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْحَوَادِثِ الَّتِي حَدَثَتْ بَعْدَ الْمِائَةِ الثَّالِثَةِ. وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ قَبْلَ بِنَاءِ الْقَاهِرَةِ بِأَكْثَرَ مِنْ مِائَتَيْ سَنَةٍ، إذْ الْقَاهِرَةُ بُنِيَتْ حَوْلَ السِّتِّينَ وَثَلاثِمِائَةٍ (360 هـ) كَمَا فِي «تَارِيخِ الْجَامِعِ الأزْهَرِ»، وَيُقَالُ: إنَّ ابْتِدَاءَ بِنَائِهَا سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ، وَأَنَّهُ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ قَدِمَ مَعْدُ بْنُ تَمِيمٍ مِنْ الْمَغْرِبِ وَاسْتَوْطَنَهَا.

وَمِمَّا يُبَيِّنُ هَذَا أَنَّ الْمُتَفَلْسِفَةَ الَّذِينَ يُعْلَمُ خُرُوجُهُمْ مِنْ دِينِ الإِسْلامِ كَانُوا مِنْ أَتْبَاعِ «مُبَشِّرِ بْنِ فَاتِكٍ» أَحَدُ أُمَرَائِهِمْ، وَ «أَبِي عَلِيِّ بْنِ الْهَيْثَمِ»، اللَّذَيْنِ كَانَا فِي دَوْلَةِ الْحُكَّامِ نَازِلَيْنِ قَرِيبَاً مِنْ الْجَامِعِ الأزْهَرِ، وَابْنُ سِينَا وَابْنُهُ وَأَخُوهُ كَانُوا مِنْ أَتْبَاعِهِمَا.

قَالَ ابْنُ سِينَا: وَقَرَأْت مِنْ الْفَلْسَفَةِ، وَكُنْت أَسْمَعُ أَبِي وَأَخِي يَذْكُرَانِ الْعَقْلَ وَالنَّفْسَ، وَكَانَ وُجُودُهُ عَلَى عَهْدِ الْحَاكِمِ، وَقَدْ عَلِمَ النَّاسُ مِنْ سِيرَةِ الْحَاكِمِ مَا عَلِمُوهُ، وَمَا فَعَلَهُ «نَشْتَكِينُ الدُّرْزِيُّ» بِأَمْرِهِ مِنْ دَعْوَةِ النَّاسِ إلَى عِبَادَتِهِ، وَمُقَاتَلَتِهِ أَهْلَ مِصْرَ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ ذَهَابِهِ إلَى الشَّامِ حَتَّى أَضَلَّ وَادِيَ التَّيْمِ بْنِ ثَعْلَبَةَ. وَالزَّنْدَقَةُ وَالنِّفَاقُ فِيهِمْ إلَى الْيَوْمِ، وَعِنْدَهُمْ كُتُبُ الْحَاكِمِ، وَقَدْ أَخَذْتهَا مِنْهُمْ وَقَرَأْت مَا فِيهَا مِنْ عِبَادَتِهِمْ الْحَاكِمَ، وَإِسْقَاطِهِ عَنْهُمْ الصَّلاةَ وَالزَّكَاةَ وَالصِّيَامَ وَالْحَجَّ، وَتَسْمِيَةِ الْمُسْلِمِينَ الْمُوجِبِينَ لِهَذِهِ الْوَاجِبَاتِ، الْمُحَرِّمِينَ لِمَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ بِالْحَشْوِيَّةِ، إلَى أَمْثَالِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ النِّفَاقِ الَّتِي لا تَكَادُ تُحْصَى.

وَبِالْجُمْلَةِ فَـ «عِلْمُ الْبَاطِنِ» الَّذِي يَدَّعُونَهُ مَضْمُونَهُ الْكُفْرُ بِاَللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، بَلْ هُوَ جَامِعٌ لِكُلِّ كُفْرٍ، لَكِنَّهُمْ فِيهِ عَلَى دَرَجَاتٍ، فَلَيْسُوا مُسْتَوِينَ فِي الْكُفْرِ، إذْ هُوَ عِنْدَهُمْ سَبْعُ طَبَقَاتٍ، كُلُّ طَبَقَةٍ يُخَاطِبُونَ بِهَا طَائِفَةً مِنْ النَّاسِ بِحَسَبِ بُعْدِهِمْ مِنْ الدِّينِ وَقُرْبِهِمْ مِنْهُ، وَلَهُمْ أَلْقَابٌ وَتَرْتِيبَاتٌ، رَكَّبُوهَا مِنْ مَذْهَبِ الْمَجُوسِ وَالْفَلاسِفَةِ وَالرَّافِضَةِ، مِثْلَ قَوْلِهِمْ: «السَّابِقُ» و «التَّالِي»، جَعَلُوهُمَا بِإِزَاءِ «الْعَقْلِ» و «النَّفْسِ»، كَاَلَّذِي يَذْكُرُهُ الْفَلاسِفَةُ، وَبِإِزَاءِ «النُّورِ» وَ «الظُّلْمَةِ» كَاَلَّذِي يَذْكُرُهُ الْمَجُوسُ. وَهُمْ يَنْتَمُونَ إلَى مُحَمَّدِ بْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، وَيَدَّعُونَ أَنَّهُ هُوَ السَّابِعُ، وَيَتَكَلَّمُونَ فِي الْبَاطِنِ وَالأسَاسِ وَالْحُجَّةِ وَالْبَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَطُولُ وَصْفُهُمْ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير