تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَمِنْ وَصَايَاهُمْ فِي «النَّامُوسِ الأكْبَرِ وَالْبَلاغِ الأعْظَمِ» أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ بَابِ التَّشَيُّعِ، وَذَلِكَ لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّ الشِّيعَةَ مِنْ أَجْهَلِ الطَّوَائِفِ وَأَضْعَفِهَا عَقْلاً وَعِلْمَاً، وَأَبْعَدِهَا عَنْ دِينِ الإِسْلامِ عِلْمَاً وَعَمَلاً، وَلِهَذَا دَخَلَتْ الزَّنَادِقَةُ عَلَى الإِسْلامِ مِنْ بَابِ الْمُتَشَيِّعَةِ قَدِيْمَاً وَحَدِيثًا، كَمَا دَخَلَ الْكُفَّارُ الْمُحَارِبُونَ مَدَائِنَ الإِسْلامِ بَغْدَادَ بِمُعَاوَنَةِ الشِّيعَةِ، كَمَا جَرَى لَهُمْ فِي دَوْلَةِ التُّرْكِ الْكُفَّارِ بِبَغْدَادَ وَحَلَبَ وَغَيْرِهِمَا، بَلْ كَمَا جَرَى بِتَغَيُّرِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ النَّصَارَى وَغَيْرِهِمْ، فَهُمْ يُظْهِرُونَ التَّشَيُّعَ لِمَنْ يَدْعُونَهُ، وَإِذَا اسْتَجَابَ لَهُمْ نَقَلُوهُ إلَى الرَّفْضِ وَالْقَدْحِ فِي الصَّحَابَةِ، فَإِنْ رَأَوْهُ قَابِلاً نَقَلُوهُ إلَى الطَّعْنِ فِي عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ نَقَلُوهُ إلَى الْقَدْحِ فِي نَبِيِّنَا وَسَائِرِ الأنْبِيَاءِ، وَقَالُوا: إنَّ الأنْبِيَاءَ لَهُمْ بَوَاطِنُ وَأَسْرَارٌ تُخَالِفُ مَا عَلَيْهِ أُمَّتُهُمْ، وَكَانُوا قَوْمَاً أَذْكِيَاءَ قَالُوا بِأَغْرَاضِهِمْ الدُّنْيَوِيَّةِ بِمَا وَضَعُوهُ مِنْ النَّوَامِيسِ الشَّرْعِيَّةِ، ثُمَّ قَدَحُوا فِي الْمَسِيحِ وَنَسَبُوهُ إلَى يُوسُفَ النَّجَّارِ، وَجَعَلُوهُ ضَعِيفَ الرَّأْيِ حَيْثُ تَمَكَّنَ عَدُوُّهُ مِنْهُ حَتَّى صَلَبَهُ، فَيُوَافِقُونَ الْيَهُودَ فِي الْقَدْحِ فِي الْمَسِيحِ، لَكِنْ هُمْ شَرٌّ مِنْ الْيَهُودِ، فَإِنَّهُمْ يَقْدَحُونَ فِي الأنْبِيَاءِ.

وَأَمَّا مُوسَى وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللهٌ عَلَيْهِمَا وسلَّمَ فَيُعَظِّمُونَ أَمْرَهُمَا، لِتَمَكُّنِهِمَا وَقَهْرِ عَدُّوهُمَا، وَيَدَّعُونَ أَنَّهُمَا أَظْهَرَا مَا أَظْهَرَا مِنْ الْكِتَابِ لِذَبِّ الْعَامَّةِ، وَأَنَّ لِذَلِكَ أَسْرَارَاً بَاطِنَةً، مَنْ عَرَفَهَا صَارَ مِنْ الكمل الْبَالِغِينَ، وَيَقُولُونَ: إنَّ اللهَ أَحَلَّ كُلَّ مَا نَشْتَهِيهِ مِنْ الْفَوَاحِشِ وَالْمُنْكَرَاتِ، وَأَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِكُلِّ طَرِيقٍ، وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْنَا شَيْءٌ مِمَّا يَجِبُ عَلَى الْعَامَّةِ: مِنْ صَلاةٍ، وَزَكَاةٍ، وَصِيَامٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، إذْ الْبَالِغُ عِنْدَهُمْ قَدْ عَرَفَ أَنَّهُ لا جَنَّةَ وَلا نَارَ، وَلا ثَوَابَ وَلا عِقَابَ. وَهُمْ فِي إثْبَاتِ وَاجِبِ الْوُجُودِ الْمُبْدِعِ لِلْعَالِمِ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَأَكْثَرُ أَئِمَّتِهِمْ تُنْكِرُهُ، وَتَزْعُمُ أَنَّ الْمَشَّائِينَ مِنْ الْفَلاسِفَةِ فِي نِزَاعٍ فِي إِثْبَاتِ وَاجِبِ الْوُجُودِ، وَيَسْتَهِينُونَ بِذِكْرِ اللهِ وَاسْمِهِ، حَتَّى يَكْتُبَ أَحَدُهُمْ اسْمَ اللهِ وَاسْمَ رَسُولِهِ فِي أَسْفَلِهِ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِنْ كُفْرِهِمْ كَثِيرٌ.

والإِسْمَاعِيلِيَّةُ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ بِقِلاعِ الأَلْمُوتِ وَغَيْرِهَا فِي بِلادِ خُرَاسَانَ، وَبِأَرْضِ الْيَمَنِ، وَجِبَالِ الشَّامِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ: كَانُوا عَلَى مَذْهَبٍ الْعُبَيْدِيِّينَ الْمَسْئُولُ عَنْهُمْ، وَابْنُ الصَّبَاحِ الَّذِي كَانَ رَأْسَ الإِسْمَاعِيلِيَّةِ، وَكَانَ الْغَزَالِيُّ يُنَاظِرُ أَصْحَابَهُ لَمَّا كَانَ قَدِمَ إلَى مِصْرَ فِي دَوْلَةِ الْمُسْتَنْصِرِ، وَكَانَ أَطْوَلَهُمْ مُدَّةً، وَتَلَقَّى عَنْهُ أَسْرَارَهُمْ. وَفِي دَوْلَةِ الْمُسْتَنْصِرِ كَانَتْ فِتْنَةُ الْبَسَاسِيرِيِّ فِي الْمِائَةِ الْخَامِسَةِ سَنَةَ خَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، لَمَّا جَاهَدَ الْبَسَاسِيرِيُّ خَارِجَاً عَنْ طَاعَةِ الْخَلِيفَةِ الْقَائِمِ بِأَمْرِ اللهِ الْعَبَّاسِيِّ، وَاتَّفَقَ مَعَ الْمُسْتَنْصِرِ الْعُبَيْدِيِّ، وَذَهَبَ يَحْشُرُ إلَى الْعِرَاقِ، وَأَظْهَرُوا فِي بِلادِ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ شِعَارَ الرَّافِضَةِ، كَمَا كَانُوا قَدْ أَظْهَرُوهَا بِأَرْضِ مِصْرَ، وَقَتَلُوا طَوَائِفَ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَشُيُوخِهِمْ، كَمَا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير