تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أُوحِيَ إلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللهُ».

وَهَؤُلاءِ قَدْ يَدَّعُونَ هَذَا وَهَذَا، فَإِنَّ الَّذِي يُضَاهِي الرَّسُولَ الصَّادِقَ لا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يَدَّعِيَ مِثْلَ دَعْوَتِهِ، فَيَقُولُ: إنَّ اللهَ أَرْسَلَنِي وَأَنْزَلَ عَلَيَّ، وَهذا كَذِبٌ عَلَى اللهِ، أَوْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ يُوحَى إلَيْهِ، وَلا يُسَمِّي مُوحِيَهُ، كَمَنْ يَقُولُ: قِيلَ لِي، وَنُودِيتُ، وَخُوطِبْتُ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَيَكُونُ كَاذِبَاً، فَيَكُونُ هَذَا قَدْ حَذَفَ الْفَاعِلَ، أَوْ لا يَدَّعِي وَاحِدَاً مِنْ الأمْرَيْنِ، لَكِنَّهُ يَدَّعِي أَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنَّهُ يَأْتِي بِمَا أَتَى بِهِ الرَّسُولُ. وَوَجْهُ الْقِسْمَةِ: أَنَّ مَا يَدَّعِيهِ فِي مُضَاهَاةِ الرَّسُولِ، إمَّا أَنْ يُضِيفَهُ إلَى اللهِ، أَوْ إلَى نَفْسِهِ، أَوْ لا يُضِيفُهُ إلَى أَحَدٍ. فَهَؤُلاءِ فِي دَعْوَاهُمْ هُمْ أَكْفَرُ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، فَكَيْفَ بِالْقَرَامِطَةِ الَّذِينَ يَكْذِبُونَ عَلَى اللهِ أَعْظَمَ مِمَّا فَعَلَ مُسَيْلِمَةُ، وَأَلْحَدُوا فِي أَسْمَاءِ اللهِ وَآيَاتِهِ أَعْظَمَ مِمَّا فَعَلَ مُسَيْلِمَةُ، وَحَارَبُوا اللهَ وَرَسُولَهُ أَعْظَمَ مِمَّا فَعَلَ مُسَيْلِمَةُ، وَبَسْطُ حَالِهِمْ يَطُولُ، لَكِنَّ هَذِهِ الأوْرَاقَ لا تَسَعُ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا.

وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْته: حَالُ أَئِمَّتِهِمْ وَقَادَتِهِمْ الْعَالِمِينَ بِحَقِيقَةِ قَوْلِهِمْ، وَلا رَيْبَ أَنَّهُ قَدْ انْضَمَّ إلَيْهِمْ مِنْ الشِّيعَةِ وَالرَّافِضَةِ مَنْ لا يَكُونُ فِي الْبَاطِنِ عَالِمَاً بِحَقِيقَةِ بَاطِنِهِمْ، وَلا مُوَافِقَاً لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، فَيَكُونُ مِنْ أَتْبَاعِ الزَّنَادِقَةِ الْمُرْتَدِّينَ الْمُوَالِي لَهُمْ، النَّاصِرُ لَهُمْ، بِمَنْزِلَةِ أَتْبَاعِ الاتِّحَادِيَّةِ، الَّذِينَ يُوَالُونَهُمْ، وَيُعَظِّمُونَهُمْ، وَيَنْصُرُونَهُمْ، وَلا يَعْرِفُونَ حَقِيقَةَ قَوْلِهِمْ فِي وَحْدَةِ الْوُجُودِ، وَقولهم: إِنَّ الْخَالِقَ هُوَ الْمَخْلُوقُ _ تَعَالَى اللهُ عَنْ قَوْلِهِمْ عُلُوَاً كَبِيْرَاً _. فَمَنْ كَانَ مُسْلِمَاً فِي الْبَاطِنِ، وَهُوَ جَاهِلٌ مُعَظِّمٌ لِقَوْلِ ابْنِ عَرَبِيٍّ وَابْنِ سَبْعِينَ وَابْنِ الْفَارِضِ وَأَمْثَالِهِمْ مِنْ أَهْلِ الاتِّحَادِ فَهُوَ مِنْهُمْ، وَكَذَا مَنْ كَانَ مُعَظِّمَاً لِلْقَائِلِينَ بِمَذْهَبِ الْحُلُولِ وَالاتِّحَادِ، فَإِنَّ نِسْبَةَ هَؤُلاءِ إلَى الْجَهْمِيَّةِ كَنِسْبَةِ أُولَئِكَ إلَى الرَّافِضَةِ وَلْجَهْمِيَّةِ، لَكِنَّ الْقَرَامِطَةَ أَكْفَرُ مِنْ الاتِّحَادِيَّةِ بِكَثِيرِ، وَلِهَذَا كَانَ أَحْسَنُ حَالِ عَوَامِّهِمْ أَنْ يَكُونُوا رَافِضَةً جَهْمِيَّةً. وَأَمَّا الاتِّحَادِيَّةُ فَفِي عَوَامِّهِمْ مَنْ لَيْسَ بِرَافِضِيٍّ، وَلا جَهْمِيٍّ صَرِيحٍ، وَلَكِنْ لا يَفْهَمُ كَلامَهُمْ، وَيَعْتَقِدُ أَنَّ كَلامَهُمْ كَلامُ الأوْلِيَاءِ الْمُحَقِّقِينَ. وَبَسْطُ هَذَا الْجَوَابِ لَهُ مَوَاضِعُ غَيْرُ هَذَا، وَاَللهُ أَعْلَمُ. اهـ بِنَصِّهِ

ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[08 - 01 - 07, 05:58 م]ـ

ثُمَّ عَوْدٌ لِبَدْءِ الْمَقَالِ، وَتَفْصِيلٌ لِمَا تَضَمَّنَهُ مِنْ إِيْجازٍ وَإِجْمَالٍ، فَقَدْ بَانَ مِمَّا أَوْرَدْنَاهُ: أَنَّ التَّلْقِيبَ بِـ «الأَشْرَافِ» مَعَ تَلَبُّسِ أَصْحَابِهَا بِالْجَرَائِمِ وَالْفَسَادِ، أَوْ الزَّنْدَقَةِ وَالإِلْحَادِ، أَوْ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ، أَوْ الظُّلْمِ وَالطُّغْيَانِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ أَحْكَامِ الْجَاهِلِيَّةِ الْجَائِرَةِ عَنْ مَقَاصِدِ الْخَلْقِ وَالتَّقْدِيرِ، وَمِنْ قَبَائِحِ الْعَادَاتِ الَّتِي اجْتَثَّهَا مِنْ جُذُورِهَا الإِسْلامُ، وَذَمَّهَا وَذَمَّ أَهْلَهَا رَبُّ الأَنَامِ، وَأَلْزَمَهُمْ بِالدُّخُولِ فِي طَاعَتِهِ، وَالرِّضَا بِحُكْمِهِ وَشِرْعَتِهِ، فَقَالَ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ «أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمَاً لِقَوْمٍ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير