(2) أخرجه ابن بطة في الإبانة الكبرى 1/ 355، والصغرى ص145، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة 1/ 94.
قال ابن كثير: «وقد ورد من غير وجه: أن أبا مسلم الخولاني وجماعة معه دخلوا على معاوية فقالوا له: هل تنازع علياً أم أنت مثله؟ فقال: والله إني لأعلم أنه خير مني وأفضل، وأحق بالأمر مني ... ). (1) الخبر.
ونقل ابن كثير أيضاً عن جرير بن عبد الحميد عن مغيرة قال: (لما جاء خبر قتل علي إلى معاوية جعل يبكي، فقالت له امرأته: أتبكيه وقد قاتلته؟ فقال: ويحك إنك لا تدرين ما فقد الناس من الفضل والفقه والعلم). (2)
فهل يسوغ في عقل ودين أن يسب معاوية علياً بل ويحمل الناس على سبه وهو يعتقد فيه هذا!!.
الثاني: أنه لا يعرف بنقل صحيح أن معاوية - t- تعرض لعلي - t- بسب أو شتم أثناء حربه له في حياته، فهل من المعقول أن يسبه بعد انتهاء حربه معه ووفاته، فهذا من أبعد ما يكون عند أهل العقول، وأبعد منه أن يحمل الناس على سبه وشتمه.
الثالث: أن معاوية - t- كان رجلاً ذكياً، مشهوراً بالعقل والدهاء، فلو أراد حمل الناس على سب علي -حاشاه ذلك- أفكان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
(1) البداية والنهاية لابن كثير 8/ 132.
(2) المصدر نفسه 8/ 133.
يطلب ذلك من مثل سعد بن أبي وقاص، وهو من هو في الفضل والورع، مع عدم دخوله في الفتنة أصلاً!! فهذا لا يفعله أقل الناس عقلاً وتدبيراً، فكيف بمعاوية.
الرابع: أن معاوية - t- انفرد بالخلافة بعد تنازل الحسن بن علي -رضي الله عنهما- له واجتمعت عليه الكلمة والقلوب ودانت له الأمصار بالملك، فأي نفع له في سب علي؟ بل الحكمة وحسن السياسه تقتضي عدم ذلك، لما فيه من تهدئه النفوس، وتسكين الأمور، ومثل هذا لا يخفي على معاوية - t- الذي شهدت له الأمة بحسن السياسة والتدبير.
الخامس: أنه كان بين معاوية - t- بعد استقلاله بالخلافة وأبناء علي من الأُلفة والتقارب، ما هو مشهور في كتب السير والتاريخ. ومن ذلك أن الحسن والحسين وفدا على معاوية فأجازهما بمائتي ألف. وقال لهما: (ما أجاز بهما أحد قبلي، فقال له الحسين: ولم تعط أحداً أفضل منا). (1)
ودخل مرة الحسن على معاوية فقال له: (مرحباً وأهلاً بابن رسول الله r، وأمر له بثلاثمائة ألف). (2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
(1) البداية والنهاية لابن كثير 8/ 139.
(2) المصدر نفسه 8/ 140.
وهذا مما يقطع بكذب ما ادعى الرافضي في حق معاوية، من حمله الناس على سب علي، إذ كيف يحصل هذا مع ما بينه وبين أولاده من هذه الألفة والمودة، والاحتفاء والتكريم.
وبهذا يظهر الحق في هذه المسألة، وتتجلى الحقيقة.
فلله الحمد على نعمه وتوفيقه].