وَتَقُولُ: أَجِزْ هَذَا الْبَيْت أَوْ هَذَا الشَّطْر إِذَا نَظَمْتهُ أَوْ أَخَذْتهُ مِنْ شِعْرِ غَيْرِك وَسَأَلْتهُ أَنْ يَنْظِمَ عَلَيْهِ لِيُتِمَّهُ، وَيُقَالُ: فُلان شَاعِر فَصَّال وَهُوَ الَّذِي يَمْدَحُ النَّاسَ لِيَأْخُذ الْجَوَائِزَ. وَتَقُولُ فِي الذَّمِّ: فُلان شَاعِر ضَعِيف، سَخِيف النَّظْمِ، مُهَلْهَلالشِّعْر، مُقَصِّر عَنْ طَبَقَةِ الْفُحُولِ، نَازِل عَنْ رُتْبَةِ الْمُجِيدِينَ مِنْ الشُّعَرَاءِ، وَهُوَ مِنْ سَاقَةأَهْل الشِّعْرِ، وَمِنْ مُتَخَلِّفِي الشُّعَرَاء، لا مَلَكَة عِنْدَهُ لِلنَّظْم، وَلَمْ يُرَكَّبْ فِي طَبْعِهِ الشِّعْرُ، وَلَيْسَ فِي سَلِيقَتِهِالشِّعْر.
وَإِنَّهُ لَصَالِد الْفِكْر، كَابِيالزَّنْد، كَهَام الذِّهْنِ، سَخِيف الطَّبْعِ، مُتَخَلِّف الطَّبْع، سَقِيم الْخَاطِر، مُقْعَد الْخَاطِر، زَمِنالسَّلِيقَة، نَاضِب الْقَرِيحَة، جَامِد الرَّوِيَّة، خَامِد الْبَدِيهَة، نَكِدالْقَرِيحَة، صَلْد الْخَاطِر.
وَإِنَّمَا هُوَ شُوَيْعِر، وَشُعْرُور، وَمُتَشَاعِر، رَثّالأَلْفَاظ، قَلِق الأَلْفَاظ، قَلِق الأَسَالِيب، سَقِيم الْمَعَانِي، فَاسِد الْمَعَانِي، مُبْتَذَل الْمَعَانِي، مَطْرُوقالأَغْرَاض، فَاسِد التَّعْبِيرِ، مُشَوَّش الْقَوَالِب، ضَعِيف النَّقْدِ، كَثِير التَّكَلُّفِ، شَدِيد التَّعَمُّل، وَهُوَ إِنَّمَا يَنْظِمُ بِالصَّنْعَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ عَرُوضِيّ، وَإِنَّمَا هُوَ مُقَطِّعُ أَبْيَات، وَوَزَّان تَفَاعِيل، وَإِنَّمَا هُوَ وَزَّانٌ لا شَاعِر.
وَإِنَّ شِعْرَهُ لِبَشِع فِي الذَّوْقِ، تَافِهفِي الذَّوْقِ، وَإِنَّهُ لَجَافّ الْكَلامِ، لَيْسَ عَلَى كَلامِهِ بِلَّة الْفَصَاحَة، وَلَيْسَ عَلَى شِعْرِهِ طُلاوَة، وَلا حَلاوَة، وَلا رَوْنَق، وَلا رَشَاقَة، وَلا بَدَاهَة، وَلا قُدْرَة لَهُ عَلَى الاخْتِرَاعِ، وَلا فَضْل فِيهِ لِلاسْتِنْبَاطِ، وَلا تَكَادُ تَرَى فِي كَلامِهِ إِلا مُتَرَقَّعًا، وَلا تَقَعُ إِلا عَلَى مُتَرَدَّم، وَلا تَسْقُط إِلا عَلَى مُتَنَصَّح، وَفُلان لَوْ تَمثّل شِعْره لَكَانَ أَشْبَه شَيْء بِالْعَجَائِزِ الْفَانِيَة، فِي الأَسْمَالِالْبَالِيَة.
وَيُقَالُ: كَسَرَ الشِّعْر إِذَا لَمْ يُقِمْ وَزْنَهُ، وَفُلان يُصَابِي الشِّعْر إِذَا لَمْ يُقِمْ إِنْشَاده وَتَقُول: فُلان مِنْ مُتَلَصِّصِي الشُّعَرَاء، وَهُوَ فِي الشِّعْرِ سِبْد أَسْبَادوَإِنَّهُ لَشِظَاظالشِّعْر، وَإِنَّهُ لَيَسْرِق الشِّعْر، وَيُغِير عَلَيْهِ، وَيَنْتَحِلهُ، وَيَنْسَخُهُ، وَيَسْلَخُهُ، وَيَمْسَخُهُ، ويُصالِت فِيهِ، وَإِنَّهُ لَيُغِير عَلَى أَبْيَاتِ الشُّعَرَاءِ، وَيَعْدُو عَلَى بَنَاتِ الأَفْكَارِ، وَقَدْ أَطْلَقَ يَدَهُ فِي شِعْرِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَحَكَّمَ رَاحَته فِي شِعْر الأَوَائِل، وَقَدْ تَحَيَّف شِعْر فُلان، وَأَخَذ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ فُلان، وَأَلَمّ بِبَيْتِ فُلان، وَهَذَا الْبَيْت مِنْ قَوْلِ فُلان، وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَى قَوْلِ فُلانوَيُقَالُ: أَصْفَى الشَّاعِرإِذَا اِنْقَطَعَ شِعْره.
وَقَالَ: فُلان كَذَا بَيْتا وَأَكْدَىإِذَا اِمْتَنَعَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ، وَقَدْ أُرْتِج عَلَيْهِ، وَرُجِيَ عَلَيْهِ، وَصَلُد خَاطِره، وَتَقُولُ لا يَسْتَذِيقُ لِي الشِّعْر إِلا فِي فُلان، وَإِلا فِي غَرَضِ كَذَا، أَيْ لا يَنْقَادُ لِي.
وَيُقَالُ: رَجُلٌ مُفْحِمٌ وَهُوَ الَّذِي لا يَقْدِرُ أَنْ يَقُولَ شِعْرًا وَتَقُول: هَذِهِ قَصِيدَة عَائِرَة، وَكَلِمَةعَائِرَة، وَقَافِيَةٌ شَارِدَةٌ، وَشَرُود، وَهَذِهِ آبِدَةمِنْ أَوَابِد الشِّعْر، كُلّ ذَلِكَ بِمَعْنَى الْقَصِيدَة السَّائِرَة.
وَإِنَّهَا لَكَلِمَة شَاعِرَة، وَهِيَ مِنْ غُرَرالْقَصَائِد، وَمِنْ الْقَصَائِدِ الْمُخْتَارَةِ، وَمِنْ حُرِّ الْكَلامِ، وَمِنْ عُيُونِ الشِّعْرِ، وَمَحْفُوظ الشِّعْرِ، وَعَقَائِل الشِّعْر، وَمِنْ مُحْكَمِ الشِّعْرِ وَجَيِّده، وَهَذِهِ قَصِيدَة حَذَّاء أَي سَائِرَة أَوْ مُنْقَطِعَة الْقَرِين.
وَهِيَ مِنْ مُقَلَّدَات الشِّعْرِ، وَقَلائِده، أَي الْبَوَاقِي عَلَى الدَّهْرِ، وَإِنَّهَا لَحَسَنَة الشَّبَابِ أَي التَّشْبِيبِ، وَهَذِهِ قَصِيدَة حَكِيمَة أَي فِيهَا كَلام حِكْمَة، وَهَذَا شِعْر مُقَصَّد أَي مُهَذَّب مُنَقَّح، وَهَذَا الْبَيْتُ فِقْرَة هَذِهِ الْقَصِيدَةِ أَي أَجْوَد بَيْتٍ فِيهَا، وَهُوَ بَيْتُ الْقَصِيدِ، وَتَقُولُ: هَذِهِ قَصِيدَة رَيِّضَةأَي لَمْ تُحْكَمْ.
وَإِنَّهَا لَمِنْ سَفْسَاف الشِّعْر أَي مِنْ رَدِيئِهِ أَوْ مَا لَمْ يُحْكَمْ مِنْهُ، وَفُلانٌ يُنْشِد مُقَطَّعَات الشِّعْرِ وَهِيَ قِصَارُهُ وَأَرَاجِيزه.
وَتَقُولُ: شِعْر فُلان أَحْسَن مِنْ حَوْلِيَّات زُهَيْر، وَأَحْسَن مِنْ حَوْلِيَّات مَرْوَان بْن أَبِي حَفْصَة، وَأَحْسَن مِنْ اِعْتِذَارَاتِ النَّابِغَةِ، حَمَاسِيَّات عَنْتَرَة، وَهَاشِمِيَّات الْكُمَيْت، وَنَقَائِضِ جَرِير، وَخَمْرِيَّات أَبِي نُوَاس، وَتَشْبِيهَات اِبْنِ الْمُعْتَزِّ، وَزُهْدِيَّات أَبِي الْعَتَاهِيَةِ، وَرَوْضِيَّات الصَّنَوْبَرِيّ، وَلَطَائِف كُشَاجِم.
وَهَذَا أَحْسَن مِنْ ابْتِدَاءات أَبِي نُوَاس، وَمِنْ تَخَلُّصَات الْمُتَنَبِّئ، وَمَقَاطِع أَبِي تَمَّام.
¥